وجميع مَن حضره من مقالتها ، وبلوغها حاجتها. هكذا جرت سيرة الملوك والاُمراء في الحلم عن النّساء والضعفاء ، والإحسان إليهنّ في الجاهليّة والإسلام ، حتّى آل الأمر إلى ابن زياد ، واُدخلت عليه حوراء النّساء زينب ، فأقبل إليها ، وقال : الحمد لله الذي قتلكم وفضحكم وأكذب اُحدوثتكم. فقالت عليهاالسلام : الحمد لله الذي أكرمنا بنبيّه محمّد (ص) ، وطهّرنا من الرجس تطهيراً ، إنّما يُفتضح الفاسق ويكذب الفاجر ، وهو غيرنا. فقال لها : كيف رأيت فعل الله بأخيك ، وأهل بيتك؟ فقالت : ما رأيت إلاّ جميلاً ، هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم ، وسيجمع الله بينك وبينهم فتُحاج وتُخاصم ، فانظر لمَن الفلج يومئذ ، هبلتك اُمّك يابن مرجانة! فغضب ابن زياد واستشاط ، وكأنّه همّ بها ، فقال له عمرو بن حريث : أيها الأمير ، إنّها امرأة ، والمرأة لا تؤاخذ بشيء من منطقها ، ولا تُذم على خطئها. فقال لها ابن زياد : لقد شفى الله قلبي من طاغيتك الحسين ، والعصاة المَرَدة من أهل بيتك. فرقّتْ زينب وبكتْ ، وقالت له : لَعمري ، لقد قتلتَ كهلي وأبرزتَ أهلي ، وقطعتَ فرعي واجتثثتَ أصلي ، فإنْ كان هذا شفاؤك فقد اشتفيت. فقال ابن زياد : هذه سجّاعة ، ولَعمري ، لقد كان أبوها سجّاعاً شاعراً. فقالت : ما للمرأة والسّجاعة؟! إنّ لي عن السّجاعة لشغلاً ، ولكنّ صدري نفث بما قلت :
تُصانُ بنتُ الدَّعيِّ في كللِ المُلْ |
|
كِ وبنتُ الرَّسولِ تُبتَذل |
يُرجى رضَى المُصطَفَى فواعجباً |
|
تُقتَلُ أولادُهُ ويحتَمل |