ومنّا جعفر ذو الجناحين ، أحسن النّاس حسناً ، وأكملهم كمالاً ، ليس بغدّار ولا ختّار ، بدّله الله جلّ وعزّ بكل يدٍ له جناحاً يطير به في الجنة ، وفيه يقول الشاعر :
هاتُوا كجعْفَرِنا ومثلِ عليِّنا |
|
أليسا أعزَّ النّاسِ عندَ الخلائقِ |
ومنّا أبو الحسن علي بن أبي طالب ، أفرس بني هاشم ، وأكرم من احتفى وانتعل بعد رسول الله (ص) ، ومن فضائله ما قصر عنكم أنباؤها ، وفيه يقول الشاعر :
وهذا عليٌّ سيّدُ النّاسِ فاتَّقُوا |
|
عليّاً بإسلامٍ تقدَّمَ منْ قبل |
ومنّا الحسن بن علي ، سبط رسول الله (ص) ، وسيّد شباب أهل الجنة ، وفيه يقول الشاعر :
ومَنْ يكُ جدُّهُ حقّاً نبيّاً |
|
فإنّ لهُ الفضيلةَ في الأنامِ |
ومنّا الحسين بن علي ، حمله جبرائيل (ع) على عاتقه ، وكفى بذلك فخراً ، وفيه يقول الشاعر :
نفَى عنهُ عيبَ الآدميينَ ربُّهُ |
|
ومِنْ مجدِهِ مجدُ الحُسينِ المُطهَّرِ |
ثمّ قالت : يا معشر قريش ، والله ، ما معاوية بأمير المؤمنين ، ولا هو كما يزعم ، هو والله ، شانئ رسول الله (ص) ، إنّي آتية معاوية وقائلة له بما يعرق منه جبينُه ، ويكثر منه عويلُه. فكتب عامل معاوية إليه بذلك ، فلمّا قربت من المدينة ، استقبلها يزيد في حشمه ومماليكه ، فلمّا دخلت المدينة ، أتت دار أخيها عمرو بن غانم ، فقال لها يزيد : إنّ أبا عبد الرحمن يأمرك أن تصيري إلى دار ضيافته ـ وكانت لا تعرفه ـ. فقالت له : مَن أنت؟ قال : يزيد بن معاوية. قالت : فلا رعاك الله يا ناقص. فأتى أباه فأخبره ، فقال : هي أسنّ قريش وأعظمهم. قال : كانت تعدّ على رسول الله (ص) أربعمئة عاماً. فلمّا كان من الغد ، أتاها معاوية فسلّم عليها ، فقالت : على المؤمنين السّلام ، وعلى الكافرين الهوان. ثمّ قالت : مَن منكم ابن العاص؟ قال عمرو : ها أنا ذا. فقالت : وأنت تسبّ قريشاً وبني هاشم ، وأنت أهل السبّ يا عمرو! إنّي والله ، لعارفة بعيوبك وعيوب اُمّك. وأمّا أنت يا معاوية ، فما كنت في خير ولا ربيت في خير ، فما لك ولبني هاشم؟ أنساء بني اُميّة كنسائهم؟ أمْ اُعطي اُميّة ما اُعطي هاشم في الجاهليّة والإسلام؟ وكفى فخراً برسول الله (ص). فقال معاوية : أيّتها الكبيرة ، أنا كافٍّ عن بني هاشم. ذكّرني خطاب غانمة الهاشميّة بذلك اللسان العضب الهاشمي ، والقلب الجريء ، غير هيّابة ولا وجلة ، خطاب فخر الهاشميّات زينب بنت علي عليهماالسلام ، شبيهة أبيها أمير المؤمنين (ع) ، لولده يزيد حين خطبت تلك الخطبة العظيمة ، وخاطبت يزيد بكلام كحدود السّيوف ، ستحقرة له ، غير