لكنّ قاتلَهُ مَنْ لا يُعابُ بهِ |
|
قدْ كان يُدعَى أبوهُ بيضةَ البلدِ |
منْ هاشمٍ في ذُراهَا وهي صاعدةٌ |
|
إلى السّماءِ تُميتُ النّاسَ بالحسدِ |
قومٌ أبى اللهُ إلاّ أنْ يكون لهمْ |
|
كرامةُ الدِّينِ والدُّنيا بلا لددِ |
وقالت أيضاً في قتل أخيها وذكر علي بن أبي طالب (ع) :
أسدانِ في ضيْقِ المجالِ تصاوَلا |
|
وكلاهُما كفوٌ كريمٌ باسل |
فاذهبْ عليٌّ فما ظفرتَ بمثلِهِ |
|
قولٌ سديدٌ ليس فيه تحامل |
وهكذا كانت العرب تفتخر إذا كان قتلها بيد الأشراف ، وتأنف أنْ يكون قتلها بيد الأنذال الأرذال. ولمّا اُقيم حُيي بن أخطب بين يدي علي (ع) ليُقتل ، قال : قتلة شريفة بيد شريف. وكما هوّن على اُمّ كلثوم اُخت عمرو بن عبد ودّ قتل أخيها ، كونه بيد شريف كفو كريم وهو علي بن أبي طالب ، فقد زاد في حزن أخوات الحسين (ع) ؛ زينب واُمّ كلثوم على أخيهما الحسين (ع) أنّ قتله كان على يد أولاد الأدعياء ، وعلى يد شمر بن ذي الجوشن الرذل النّذل. ولمّا جاء الجواد إلى المخيم ، وهو خالي السّرج من راكبه ، وضعت اُمّ كلثوم يدها على اُمِّ رأسها ونادت : وا محمّداه! وا جدّاه! وا عليّاه! وا جعفراه! وا حمزتاه! وا حسناه! هذا حسين بالعراء ، صريع بكربلاء ، محزوز الرأس من القفا ، مسلوب العمامة والرداء. ثُمّ غُشي عليها ، وجعلت زينب تنادي بصوت حزين وقلب كئيب : يا محمّداه! صلّى عليك مليك السّماء ، هذا حُسينك مرمّل بالدماء ، مقطوع الأعضاء ، وبناتك سبايا. يا محمّداه! هذا حسين بالعراء ، تسفي عليه ريح الصبا ، قتيل أولاد البغايا ، بأبي مَن لا غائب فيرتجى ، ولا جريح فيداوى! بأبي المهموم حتّى قضى! بأبي العطشان حتّى مضى! بأبي مَن شيبته تقطر بالدماء.
أدهى المصائِبِ في القلوبِ فجيعةً |
|
قتْلُ الكِرامِ على يدِ الأنذالِ |
تبّاً لدهرٍ مكَّنتْ أحداثُهُ |
|
كفَّ الثعالبِ من أبي الأشبالِ |