وجل خلق خلقاً ضيّق الدنيا عليهم نظراً لهم ؛ فزهّدهم فيها وفي حطامها ، فرغبوا في دار السّلام ، وصبروا على ضيق المعيشة ، وصبروا على المكروه ، واشتاقوا إلى ما عند الله ، وبذلوا أنفسهم ابتغاء رضوان الله ، وكانت خاتمة أعمالهم الشهادة ، فلقوا الله وهو عنهم راض ٍ». كما فعل أنصار الحسين (ع) حين بذلوا أنفسهم ابتغاء رضوان الله ، وكانت خاتمة أعمالهم الشهادة في سبيل الله وبين يدَي ابن بنت رسول الله (ص) ؛ ففدوه بأنفسهم ، ووقوه بمهجهم حتّى قُتلوا عن آخرهم ، فمنهم : سعيد بن عبد الله الحنفي الذي وقف بين يدي الحسين (ع) يقيه من النّبال بنفسه ما زال ولا تخطّى ، فما زال يُرمى بالنّبل حتّى سقط إلى الأرض ، وهو يقول : اللهمّ ، العنهم لعن عاد وثمود. اللهمّ ، أبلغ نبيّك عنّي السّلام ، وأبلغه ما لقيتُ من ألم الجراح ؛ فإنّي أردتُ ثوابك في نصر ذرّيّة نبيّك. وفي رواية : أنّه قال : اللهمّ ، لا يعجزك شيء تريده ، فأبلغ محمّداً (ص) نُصرتي ودفعي عن الحسين (ع) ، وارزقني مرافقته في دار الخلود. ثمّ قضى نحبه رضوان الله عليه ، فوُجِد فيه ثلاثة عشر سهماً سوى ما به من ضرب السّيوف وطعن الرّماح.
نَصرُوا ابنَ بنتِ نَبيِّهمْ طُوبَى لهُمْ |
|
نالُوا بنُصرتِهِ مراتبَ ساميهْ |
قدْ جاورُوهُ ها هُنا بقبورِهُمْ |
|
ولهمُ قصورٌ للحسينِ مُحاذيهْ |