المجلس الحادي والعشرون
مرّ سليمان بن قتّة العدوي رحمه الله بكربلاء بعد قتل الحسين (ع) بثلاث ، فنظر إلى مصارعهم واتكأ على فرس له عربيّة ، وأنشأ يقول :
مَررتُ على أبياتِ آلِ محمّد |
|
فلَمْ أرَها أمثالَها يومَ حُلّتِ |
ألمْ ترَ أنَّ الشّمسَ أضحتْ مَريضةً |
|
لفقدِ حُسينٍ والبلادَ اقشعرّتِ |
وكانوا رجاءً ثمّ أضحَوا رزيّةً |
|
لقدْ عَظُمتْ تلك الرّزايا وجلّتِ |
وتسألُنَا قيسٌ فنُعطي فقيرَهَا |
|
وتغتابُنا قيسٌ إذا النَّعلُ زلّتِ |
وعندَ غنيٌّ قطرةٌ من دمائِنا |
|
سَنطلِبُهُمْ يوماً بها حيثُ حلّتِ |
فلا يُبعدُ اللهُ الدّيارَ وأهلَها |
|
وإنْ أصبَحتْ منهُمْ برغمي تخلّتِ |
وإنّ قتيلَ الطفِّ منْ آلِ هاشمٍ |
|
أذلَّ رِقابَ المُسلمينَ فذلّتِ |
وقدْ أعولتْ تبكي السّماءُ لفقدِهِ |
|
وأنجُمُنا ناحتْ عليهِ وصلّتِ |
ومرّ ابن الهباريّة الشاعر بكربلاء ، فجلس يبكي على الحسين (ع) وأهله ، وقال بديهاً :
أحسينُ والمبعوثِ جدِّكَ بالهُدى |
|
قَسماً يكون الحقُّ عنهُ مُسائلي |
لو كنتُ شاهدَ كربلا لبذلتُ في |
|
تَنْفيسِ كربِكَ جُهدَ بذلِ الباذلِ |
وسَقيتُ حدَّ السّيفِ من أعدائكُمْ |
|
عللاً وحدَّ السّمهَريِّ الذّابلِ |
لكنَّني اُخّرتُ عنكَ لشقْوَتي |
|
فبلابِلي بينَ الغريِّ وبابلِ |
هَبنيْ حُرمتُ النَّصرَ من أعدائكُمْ |
|
فأقلّ منْ حُزنٍ ودمعٍ سائلِ |
ويقال : أنّه نام في مكانه فرأى النبي (ص) ، فقال له : «جزاك الله عنّي خيراً ، أبشر فإنّ الله قد كتبك ممَّن جاهد بين يدي الحسين (ع)».