فارتفعت أصوات النّساء بالعويل ، وقد اُثخن بالجراح في رأسه وبدنه ، فجعل يُضاربهم بسيفه ، وحمل النّاس عليه عن يمينه وشماله ، فحمل على الذين عن يمينه فتفرّقوا ، ثمّ حمل على الذين عن يساره فتفرّقوا. قال بعض الرّواة : فوالله ، ما رأيت مكثوراً قطْ قد قُتل وُلده وأهل بيته وأصحابه ، أربط جأشاً ولا أمضى جناناً ولا أجرأ مقدماً منه. والله ، ما رأيت قبله ولا بعده مثله! وإنْ كانت الرجّالة لتشدّ عليه فيشدّ عليها بسيفه ، فتنكشف عنه انكشاف المعزى إذا شدّ فيها الذئب. ولقد كان يحمل فيهم ، وقد تكمّلوا ثلاثين ألفاً ، فينهزمون من بين يدَيه كأنّهم الجراد المنتشر ، ثمّ يرجع إلى مركزه وهو يقول : «لا حول ولا قوّة إلاّ بالله». إلى أن قتلوه عطشان ظامياً ، واحتزّوا رأسه ورفعوه على رأس رمحٍ ، وسلبوه ثيابه ودرعه ، وانتهبوا رحله وثقله ، وداسوا جسده الشّريف بحوافر الخيل ، ولم يدعوا من أمر فظيع حتّى فعلوه.
خلتِ الحميَّةُ يا اُميّةُ فاخلعي |
|
حُللَ الحَيا وبثوبِ بغيكِ فارفُلِي |
سوَّدتِ وجهَ حفائظِ العَرَبِ التي |
|
كرُمتْ إذا ظفرتْ برجلٍ مُفضلِ |
ليس هذا لرسولِ اللهِ يا |
|
اُمّةَ الطُّغيانِ والبغي جزَا |