الإمام موسى بن جعفر (ع) وهو قائم يُصلّي عند رأس النّبيِّ (ص) ، فقطع عليه صلاته وأخذه فحبسه ، ثمّ أرسله إلى البصرة فحبسه فيها عند عيسى بن جعفر بن المنصور ، فبقي محبوساً عنده سنة ، ثمّ أخذه منه فحبسه عند الفضل بن الربيع ، ثمّ سلّمه إلى السّندي بن شاهك فحبسه عنده حتّى مضت عليه أربع سنوات وهو محبوس ، ثمّ سمّه الرشيد وهو في المجلس. فلمّا توفِّي في يد السّندي بن شاهك ، حُمل على نعش ونودي : هذا إمام الرّافضة فاعرفوه. فلمّا اُتي به مجلس الشّرطة ، أقام أربعة نفر فنادوا عليه بنداء فظيع : ألا مَن أراد أنْ يرى الخبيث ابن الخبيث موسى بن جعفر فليخرج. وخرج سُليمان بن المنصور ـ عمّ الرشيد ـ من قصره إلى الشّطِّ ، فسمع الصّياح والضّوضاء ، فقال لغلمانه وولده : ما هذا؟ قالوا : السّندي بن شاهك يُنادي على موسى بن جعفر على نعشه. فقال لغلمانه وولده : يُوشك أنْ يفعل هذا به في الجانب الغربي ، فإذا عبر به فانزلوا وخذوه من أيديهم ، فإنْ مانعوكم فاضربوهم وخرّقوا عليهم سوادهم. فلمّا عبروا به ، نزلوا إليهم وأخذوه من أيديهم ووضعوه في مفرق أربع طرق ، وأقام سُليمان المنادين ينادون : ألا مَن أراد أنْ يرى الطّيب ابن الطّيب موسى بن جعفر فليخرج. وحضر الخلقُ ، وغُسّل وحُنّط بحنوطٍ فاخر ، وكفّنه سُليمان بكفن فيه حبرة استُعملت له بألفين وخمسمئة دينار عليها القرآن كلّه ، واحتفى ومشى في جنازته مُتسلّباً مشقوق الجيب إلى مقابر قريش فدفنه هناك ، وكتب إلى الرشيد بخبره ، فكتب إليه الرشيد : وصلتك رَحمٌ يا عم ، وأحسن الله جزاءك. واعتذر بأنَّ ما فعله السّندي لم يكن عن أمره. أما كان يوجد يوم كربلاء رجل مثل سُليمان ، فيُصلّي على الحسين (ع) ويُشيّعه ويدفنه حتّى لا يبقى ثلاثة أيّام بلا دفن ، تسفي عليه الرياح وتصهره الشّمس؟!
ما إنْ بقيتَ منَ الهوانِ على الثَّرَى |
|
مُلقىً ثلاثاً في رُبىً ووهادِ |
إلاّ لكَي تَقضي عليكَ صلاتَها |
|
زُمرُ الملائكِ فوقَ سبعِ شدادِ |