أَشْكرَ الْحَسَنَةَ وَاُغْضِيَ عَنِ السَّيِّئَةِ ، وَحَلِّنِي بِحِلْيَةِ الصَّالِحِينَ. وَأَلْبِسْنِي زِينَةَ المُتَّقِينَ فِيْ بَسْطِ الْعَدْلِ وَكَظْمِ الْغَيْظِ ، وَإطْفَاءِ النَّائِرَةِ ، وَضَمِّ أَهْلِ الْفُرْقَةِ ، وَإصْلاَحِ ذَاتِ الْبَيْنِ ، وَإفْشَاءِ الْعَارِفَةِ ، وَسَتْرِ الْعَائِبَةِ ، وَلِينِ الْعَرِيكَةِ وَخَفْضِ الْجَنَاحِ ، وَحُسْنِ السِّيرَةِ ، وَسُكُونِ الرِّيحِ ، وَطِيْبِ الْمُخَالَقَةِ ، وَالسَّبْقِ إلَى الْفَضِيلَةِ ، وإيْثَارِ التَّفَضُّلِ ، وَتَرْكِ التَّعْيِيرِ وَالإفْضَالِ عَلَى غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ ، وَالقَوْلِ بِالْحَقِّ وَإنْ عَزَّ ، وَاسْتِقْلاَلِ الخَيْرِ وَإنْ كَثُرَ مِنْ قَوْلِي وَفِعْلِي ، وَاسْتِكْثَارِ الشَّرِّ وَإنْ قَلَّ مِنْ قَوْلِي وَفِعْلِي ، وامنعني مِنْ السَّرَفِ ، وحصّنْ رزقي مِنْ التَّلفِ». وأهل بيت الرسول (ص) هم أحسن النّاس أخلاقاً ، لا يلحقهم في ذلك لاحق ، ولا يسبقهم سابق ، ومنهم تعلّم النّاس مكارم الأخلاق ومحاسن الأفعال ، ومنهم مولانا الإمام أبو عبد الله الحسين (ع) ، وله في مكارم الأخلاق أخبار كثيرة تنبو عن الحصر ، منها : إنّه مرّ بمساكين وهم يأكلون كسراً على كساء فسلّم عليهم ، فدعوه إلى طعامهم فجلس معهم ، وقال : «لولا أنّه صدقة لأكلتُ معكم». ثمّ قال : «قوموا إلى منزلي». فأطعمهم وكساهم ، وأمر لهم بدراهم. ومن مكارم أخلاقه ، إنّه جنى غلامٌ له جناية توجب العقاب فأمر بضربه ، فقال : يا مولاي ، (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ). قال : «خلّو عنه». فقال : يا مولاي ، (وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ). قال : «قد عفوتُ عنك». قال : يا مولاي ، (وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ). قال : «أنت حُرٌّ لوجه الله ، ولك ضعف ما كُنتُ أعطيك». وحيّته جارية بطاقة ريحان ، فقال لها : «أنت حرّة لوجه الله تعالى». فقيل له : تجيئك بطاقة ريحان لا خطر لها فتعتقها! قال : «كذا أدّبنا الله ، قال الله تعالى : (فإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا) وكان أحسنَ منها عتقُها». أمثل هذا الإمام في فضائله التي لا تُبارى ، يُزال عن حقّه وتتعدّى عليه بنو اُميّة ، وتخفيه حتّى أخرجته من حرم جدّه رسول الله (ص) إلى حرم الله ، ثمّ دسّت إليه الرجال لتغتاله في الحرم ، فخرج إلى العراق فجهّز إليه الدعيُّ ابن الدعيِّ عبيد الله بن زياد الجيوش ـ بأمر يزيد بن معاوية ـ وضيّق عليه ، ومنعه التوجّه في بلاد الله العريضة حتّى قُتل عطشان ظامياً ، وحيداً فريداً غريباً ، وقُتلت أنصاره وسُبيت عياله.
فعلتُمْ بأبناءِ النَّبيِّ ورهطهِ |
|
أفاعيلَ أدناها الخيانةُ والغدرُ |