الأطباء : أيها الملك إنها لا تبرأ إلا من قبل البحر يؤخذ منه (١) شبه الإنس ، فيؤخذ (٢) من ريقه فيلطخ به برصها ، فتبرأ من ذلك ، وذلك يوم كذا وساعة كذا من (٣) شهر كذا حين تشرق الشمس ، فلما كان ذلك اليوم غدا فرعون من مجلس له كان على شفير (٤) النيل ، ومعه آسية بنت مزاحم بن عبيد بن الريان بن الوليد الذي (٥) كان فرعون مصر في زمن يوسف الصديق ، وهي امرأة فرعون.
وقيل : كانت من بني إسرائيل من سبط موسى ، وقيل : كانت عمته ؛ حكاه السهيلي. وأقبلت بنت فرعون في جواريها حتى جلست على شاطىء النيل ، إذ أقبل النيل بتابوت تضربه الأمواج ، فتعلق بشجرة ، فقال فرعون : ائتوني به ، فابتدروا بالسفن من كل جانب فوضعوه (٦) بين يديه ، فعالجوا (٧) فتحه ، فلم يقدروا عليه ، فنظرت آسية فرأت نورا في جوف التابوت لم يره غيرها ، فعالجته ففتحته ، فإذا هو بصبي صغير في مهده ، و (٨) إذا نور بين عينيه ، فألقى الله محبته في قلوب القوم ، وعمدت ابنة فرعون إلى ريقه ، فلطخت به برصها ، فبرأت ، فقالت الغواة من قوم فرعون : إنّا (٩) نظن أن هذا هو الذي نحذر منه ، رمي في البحر فرقا منك فاقتله ، فهمّ فرعون بقتله ، فاستوهبته امرأة فرعون فترك قتله (١٠).
وقوله : (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ) أي : جواريه.
قوله : «ليكون» في اللام الوجهان المشهوران : العلية المجازية بمعنى أن ذلك لما كان نتيجة فعلهم وثمرته شبه بالداعي الذي يفعل الفاعل الفعل لأجله (١١) ، أو (١٢) الصيرورة (١٣).
وقوله : «وحزنا» قرأ (١٤) العامة (١٥) بفتح الحاء والزاي ، وهي لغة قريش (١٦) ، والأخوان بضم وسكون (١٧) وهما لغتان بمعنى واحد كالعدم والعدم (١٨). (إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما كانُوا خاطِئِينَ) العامة على الهمز ، مأخوذ من الخطأ ضد الصواب ،
__________________
(١) في ب : يومئذ. وهو تحريف.
(٢) في الأصل : ويؤخذ.
(٣) في ب : و.
(٤) شفير الوادي : حدّ حرفه.
(٥) في ب : و.
(٦) في ب : ووضعوه.
(٧) في ب : فعالجوه.
(٨) و : سقط من ب.
(٩) في ب : إننا.
(١٠) انظر البغوي ٦ / ٣٢٠ ـ ٣٢١ ، الفخر الرازي ٢٤ / ٢٢٧ ـ ٢٢٨.
(١١) انظر الكشاف ٣ / ١٥٧ ـ ١٥٨.
(١٢) في ب : و.
(١٣) الصيرورة : اصطلاح الكوفيين ، ويسميها البصريون لام العاقبة. انظر البيان ٢ / ٢٢٩ ، التبيان ٢ / ١٠١٦.
(١٤) في ب : وقرأ.
(١٥) غير حمزة والكسائي.
(١٦) انظر البحر المحيط ٧ / ١٠٥ ، اللسان (حزن).
(١٧) السبعة (٤٩٢) ، الكشف ٢ / ١٧٢ ، النشر ٢ / ٣٤١ ، الإتحاف (٣٤١).
(١٨) الكشف ٢ / ١٧٢ ، الكشاف ٣ / ١٥٨ ، التبيان ٢ / ١٠١٦.