إسرائيل قتلوا منّا رجلا فخذ لنا بحقنا ، فقال ابغوا (١) لي قاتله ومن يشهد عليه (فلا تنسبوني أن أقضي) (٢) بغير بينة ، فبينما هم يطوفون لا يجدون بيّنة إذ مرّ موسى من الغد ، فرأى ذلك الإسرائيلي يقاتل فرعونيا ، فاستغاثه على الفرعوني ، فصادف موسى وقد ندم على ما كان منه بالأمس من قتل القبطي ، فقال موسى للإسرائيلي : «إنك لمغوي مبين» (أي : ظاهر الغواية) (٣)(٤). قال أهل اللغة : «لغويّ» يجوز أن يكون فعيلا بمعنى مفعل ، أي : إنّك لمغويّ ، فإنّي وقعت بالأمس فيما وقعت فيه بسببك ، ويجوز أن يكون بمعنى الغاوي (٥) : قاتلت رجلا بالأمس فقتلته بسببك ، وتقاتل اليوم آخر ، وتستغيثني عليه ، وقيل : إنما قال موسى للفرعوني : (إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ) بظلمك ، والأكثرون على الأول (٦).
قوله : (فَلَمَّا أَنْ أَرادَ أَنْ يَبْطِشَ) الظاهر أنّ الضميرين (٧) لموسى ، وقيل للإسرائيلي (٨) ، والعدو : هو القبطي ، والضمير في (قالَ يا مُوسى) للإسرائيلي ، كأنه توهم من موسى مخاشنة ، فمن ثمّ قال ذلك ، وبهذا فشا خبره وكان مشكوكا في قاتله (٩).
و «أن» تطرد زيادتها في موضعين :
أحدهما : بعد لمّا كهذه.
والثاني : قبل «لو» مسبوقة بقسم كقوله :
٣٩٨٣ ـ أما والله أن لو (١٠) كنت حرا(١١) |
|
٣٩٨٣ م ـ فأقسم أن لو التقينا وأنتم |
لكان لكم يوم من الشّرّ مظلم (١٢) |
والعامة على «يبطش» بالكسر ، وضمّها أبو جعفر (١٣) ، وقيل : إن القائل «يا موسى» هو القبطي ، وكان قد عرف القصة من (١٤) الإسرائيلي. قال ابن الخطيب : وهذا هو الظاهر ، لقوله : (فَلَمَّا (١٥) أَنْ أَرادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُما قالَ يا مُوسى) ، فهذا
__________________
(١) يريد : اطلبوا إلى.
(٢) ما بين القوسين في الأصل : لن يقضي.
(٣) انظر البغوي ٦ / ٣٢٧.
(٤) ما بين القوسين مكرر في ب.
(٥) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ٢٣٦.
(٦) انظر البغوي ٦ / ٣٢٧ ـ ٣٢٨.
(٧) في ب : الضمير. وهو تحريف.
(٨) انظر البحر المحيط ٧ / ١١٠.
(٩) انظر القرطبي ١٣ / ٢٦٥.
(١٠) في ب : لو أن. وهو تحريف.
(١١) صدر بيت من بحر الوافر لم أهتد إلى قائله ، وعجزه :
وما بالحر أنت ولا العتيق
وهو في الإنصاف ١ / ٢٠٠ ، المقرب ٢٢٥ ، المغني ١ / ٣٣ ، شرح شواهده ١ / ١١١ ، شرح التصريح ٢ / ٢٣٣ ، الخزانة ٤ / ١٤١ ، ١٤٣ ، الحر : يطلق على ضد الرقيق وعلى الكريم ، وكذلك العتيق.
والشاهد فيه زيادة (أن) بعد القسم ، وبعدها (لو).
(١٢) البيت من بحر الطويل ، قاله المسيب بن علس. والشاهد فيه زيادة (أن) بعد القسم وبعدها (لو) وقد تقدم.
(١٣) انظر البحر المحيط ٧ / ١١٠ ، الإتحاف ٣٤٢.
(١٤) من : سقط من ب.
(١٥) فلما : سقط من ب.