قوله : (ما خَطْبُكُما) تقدم في طه (١) ، وقال الزمخشري : هنا حقيقته : ما مخطوبكما؟ أي : ما مطلوبكما من الذياد؟ فسمي المخطوب خطبا كما سمي المشئون شأنا في قولك : ما شأنك؟ يقال : شأنك شأنه ، أي : قصدت قصده (٢). وقال ابن عطية : السؤال بالخطب (٣) إنما هو في مصاب أو مضطهد أو من يشفق عليه أو يأتي بمنكر من الأمر (٤). وقرأ شمر (٥) «خطبكما» بالكسر أي : ما زوجكما؟ أي : لم تسقيان ولم يسق زوجكما؟ وهي شاذة جدا (٦).
قوله : (حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ) قرأ أبو عمرو وابن عامر وأبو جعفر بفتح الياء وضم الدال من صدر يصدر وهو قاصر ، أي : حتى يرجع الرعاء : أي (٧) : يرجعون بمواشيهم ، والباقون (٨) بضم الياء وكسر الدال مضارع أصدر (٩) معدّى بالهمزة ، والمفعول محذوف ، أي : يصدرون مواشيهم (١٠) ، والعامة على كسر الراء (١١) من «الرّعاء» ، وهو جمع تكسير غير مقيس لأنّ فاعلا الوصف المعتل اللام كقاض قياسه (فعلة) نحو قضاة ورماة (١٢). وقال الزمخشري (١٣) : وأما الرّعاء بالكسر فقياس كصيام وقيام (١٤). وليس كما ذكر (لما ذكرناه) (١٥). وقرأ أبو عمرو ـ في رواية (١٦) ـ بفتح الراء. قال أبو الفضل : هو مصدر
__________________
(١) يريد قوله تعالى : «قالَ فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُ» [طه : ٩٥]. ولم يذكر هناك معنى الخطب وإنما ذكره عند قوله تعالى :«قالَ ما خَطْبُكُنَّ إِذْ راوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ»[يوسف : ٥١] وذكر هناك : والخطب الأمر والشأن الذي فيه خطر ، وهو في الأصل مصدر خطب يخطب وإنما يخطب في الأمور العظام. انظر اللباب ٥ / ٤٢.
(٢) الكشاف ٣ / ١٦١.
(٣) في الأصل : بالخطاب.
(٤) تفسير ابن عطية ١١ / ٢٨٥.
(٥) هو شمر بن حمدويه الهروي ، أبو عمرو اللغوي ، الأديب ، أخذ عن الفراء والأصمعي وأبي حاتم وغيرهم ، ألف كتابا كبيرا في اللغة لم ينسخ في حياته ففقد بعد موته إلا يسيرا. بغية الوعاة ٢ / ٤ ـ ٥.
(٦) انظر البحر المحيط ٧ / ١١٣.
(٧) في ب : أو.
(٨) في ب : والثاني. وهو تحريف.
(٩) السبعة (٤٩٢) ، الكشف ٢ / ١٧٢ ـ ١٧٣ ، النشر ٢ / ٣٤١ ، الإتحاف (٣٤٢).
(١٠) انظر البيان ٢ / ٢٣١.
(١١) الراء : سقط من ب.
(١٢) انظر الأشموني ٤ / ١٣٢.
(١٣) الزمخشري : سقط من ب.
(١٤) أي : جمع صائم وقائم. الكشاف ٣ / ١٦١. ورد أبو حيان على الزمخشري في هذه المسألة ، قال : (وليس بقياس لأنه جمع راع ، وقياس (فاعل) الصفة التي للعاقل أن تكسر على (فعلة) كقاض وقضاة ، وما سوى جمعه هذا فليس بقياس) البحر المحيط ٧ / ١١٣ ، وقد جاء في اللسان ما يوافق قول الزمخشري ، قال ابن منظور : (وراعي الماشية حافظها. صفة غالبة غلبة الاسم والجمع رعاة ، مثل قاض وقضاة ، ورعاء مثل جائع وجياع ، ورعيان مثل شابّ وشبّان كسّروه تكسير الأسماء كحاجر وحجران ، لأنها صفة غالبة ، وليس في الكلام اسم على فاعل يعتور عليه فعلة وفعال إلا هذا ، وقولهم : آس وأساة وإساء) اللسان (رعى).
(١٥) ما بين القوسين في ب : كما ذكرنا.
(١٦) في رواية عياش. حكاها أبو حيان عن أبي الفضل الرازي. انظر البحر المحيط ٧ / ١١٣.