وخلوص (المتكلم من) (١) النطق بجميع ذلك ، فصارت الفصاحة يوصف بها ثلاثة أشياء : الكلمة والكلام والمتكلم ، بخلاف البلاغة فإنه لا يوصف بها إلا الأخيران ، وهذا ليس (موضع) إيضاحه وإنما ذكرناه تنبيها على أصله (٢) ، ولسانا : تمييز.
قوله «ردءا» (منصوب) (٣) على الحال (٤) ، والرّدء : العون (٥) وهو فعل بمعنى مفعول كالدّفء بمعنى المدفوء به (٦) ، وردأته على عدوه أي (٧) : أعنته عليه (٨) ، وردأت الحائط : دعمته بخشبة لئلّا يسقط (٩) ، وقال النحاس : يقال : ردأته وأردأته (١٠) ، وقال سلامة بن جندل (١١) :
٤٠٠٣ ـ وردئي كل أبيض مشرفيّ |
|
شحيذ الحدّ أبيض ذي فلول (١٢) |
وقال آخر :
٤٠٠٤ ـ ألم تر أنّ أصرم كان ردئي |
|
وخير النّاس في قلّ ومال (١٣) |
وقرأ نافع بغير همزة «ردا» بالنقل ، وأبو جعفر كذلك إلا أنه لم ينوّنه ، كأنه أجرى الوصل مجرى الوقف (١٤) ، ونافع ليس من قاعدته النقل (١٥) في كلمة إلّا هنا ، وقيل : ليس نقل وإنما هو من أردى على كذا ، أي : زاد (١٦) ، قال :
__________________
ـ التنصيص ١ / ١٩. والشاهد فيه أنه أراد أن يكني عما يوجبه دوام التلاقي من السرور بالجمود ، لظنه أن الجمود خلو العين من البكاء مطلقا من غير اعتبار شيء آخر ، وليس الأمر كذلك ، لأن الجمود خلو العين من البكاء في حال إرادة البكاء منها ، فلا يكون كناية عن المسرة ، وإنما يكون كناية عن البخل.
(١) ما بين القوسين سقط من ب.
(٢) انظر هذه المباحث في الإيضاح للقزويني (٥ ـ ١١).
(٣) منصوب : سقط من ب.
(٤) انظر التبيان ٢ / ١٠٢٠.
(٥) في ب : القرن.
(٦) انظر الكشاف ٣ / ١٦٦ ، البحر المحيط ٧ / ١٠٣.
(٧) أي : سقط من ب.
(٨) انظر مجاز القرآن ٢ / ١٠٤.
(٩) انظر اللسان (ردأ).
(١٠) قال النحاس : (مشتق من أردأته ، أي : أعنته ، وقد حكي ردأته ردءا) إعراب القرآن ٣ / ٢٣٨.
(١١) هو سلامة بن جندل ، شاعر جاهلي من الفرسان اشتهر بوصف الخيل. المنجد ٣٠٤.
(١٢) البيت من بحر الوافر وهو في الكشاف ٣ / ١١٦ ، البحر المحيط ٧ / ١٠٣ ، شرح شواهد الكشاف (١٠٠). مشرفيّ : نسبة إلى مشارف اليمن ، قرى منها ، وقيل : من الشام. شحيذ الحد : من شحذ شحذا : أحدّ سنانه ، الفلول : جمع فلّ ـ بالفتح ـ وهو كسر في حد السيف ، أي : به فلول من قراع الكتائب.
(١٣) البيت من بحر الوافر لم أهتد إلى قائله ، وهو في القرطبي ١٣ / ٢٨٦. أصرم : يقال : رجل أصرم إذا افتقر وبقي متماسكا.
(١٤) السبعة (٤٩٤) الحجة لابن خالويه (٢٧٨) ، البحر المحيط ٧ / ١١٨ ، الإتحاف (٣٤٢).
(١٥) في ب : الفعل. وهو تحريف.
(١٦) ونسب هذا القول إلى مسلم بن جندب. انظر القرطبي ١٣ / ٢٨٦.