عن محمد وشأنه ، فقالوا : إنا نجده في التوراة بنعته وصفته ، فلما رجع الرّهط وأخبروهم (١) بقول اليهود ، و (٢) قالوا : إنّه كان ساحرا كما أن محمدا ساحر ، فقال تعالى في حقهم : (أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِما أُوتِيَ مُوسى مِنْ قَبْلُ).
وقال الحسن : كان للعرب أصل في أيام موسى ـ عليهالسلام (٣) ـ فمعناه على هذا : أو لم يكفر آباؤهم ، وقالوا : موسى وهارون ساحران ، وقال قتادة : أو لم يكفر اليهود في عصر محمد بما أوتي موسى من قبل من البشارة بعيسى ومحمد فقالوا ساحران ، وقيل (٤) : إن كفار قريش كانوا منكرين لجميع النبوات ثم إنهم لما طلبوا من الرسول معجزات موسى ـ عليهالسلام (٥) ـ قال تعالى : (أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِما أُوتِيَ مُوسى مِنْ قَبْلُ) ، بل بما (٦) أوتي جميع الأنبياء من قبل ، أي : لا غرض لهم من هذا الاقتراح إلا التعنت ، ثم حكى كيفية كفرهم بما أوتي موسى (٧) ، وهو قولهم : «ساحران تظاهرا» (٨).
قوله : (مِنْ قَبْلُ) إمّا أن يتعلق ب «يكفروا» ، أو ب «أوتي» أي (٩) من قبل ظهورك(١٠).
قوله : «ساحران» قرأ الكوفيون (١١) «سحران» أي هما ، أي : القرآن والتوراة ، أو موسى وهارون ، وذلك على المبالغة ، جعلوهما (١٢) نفس السحر ، أو على حذف مضاف ، أي : ذوا سحرين ، ولو صحّ هذا لكان ينبغي أن يفرد سحر ، ولكنّه ثني تنبيها على التنويع ، وقيل المراد : موسى ومحمد ـ عليهماالسلام (١٣) ـ أو (١٤) التوراة والإنجيل ، والباقون : «ساحران» أي : موسى وهارون أو موسى ومحمد (١٥) كما تقدم.
قوله : (تَظاهَرا) العامة على تخفيف الظاء فعلا ماضيا صفة ل «سحران» أو «ساحران» أي : تعاونا (١٦). وقرأ الحسن ويحيى بن الحارث الذّمّاري وأبو حيوة واليزيدي بتشديدها (١٧) ، وقد لحنهم الناس ، قال ابن خالويه تشديده (١٨) لحن ، لأنه فعل ماض ، وإنّما يشدّد في المضارع (١٩) ، وقال الهذلي: لا معنى له (٢٠) ، وقال أبو الفضل : لا أعرف
__________________
(١) في ب : وأخبروه.
(٢) و : سقط من ب.
(٣) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(٤) في ب : فقالوا.
(٥) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(٦) في ب : بل إنما.
(٧) في ب : موسى من قبل.
(٨) آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي ٢٤ / ٢٦٠ ـ ٢٦١.
(٩) أي : سقط من الأصل.
(١٠) انظر الكشاف ٣ / ١٧٢.
(١١) وهم : عاصم وحمزة والكسائي. السبعة (٤٩٥).
(١٢) في ب : جعلوها.
(١٣) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(١٤) في ب : و.
(١٥) السبعة (٤٩٥) ، الكشف ٢ / ١٧٤ ـ ١٧٥ ، النشر ٢ / ٣٤١ ، ٣٤٢ ، الإتحاف (٣٤٣).
(١٦) انظر مجاز القرآن ٢ / ١٠٧ ، تفسير غريب القرآن (٣٣٣).
(١٧) المختصر (١١٣) ، البحر المحيط ٧ / ١٢٤.
(١٨) في الأصل : بتشديده.
(١٩) المختصر (١١٣).
(٢٠) انظر البحر المحيط ٧ / ١٢٤.