وروي عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ «إنّ قارون كان من السّبعين المختارة الّذين سمعوا كلام الله» (١).
قوله : (وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ) ما موصولة بمعنى الذي صلتها (إنّ) وما في حيّزها ولهذا كسرت (٢) ونقل الأخفش الصغير عن الكوفيين منع الوصل بإنّ وكان يستقبح ذلك عنهم ، يعني لوجوده في القرآن (٣) ، والمفاتح جمع مفتح بفتح الميم وهو الذي يفتح به الباب قاله قتادة ومجاهد وجماعة (٤) ، وقيل : مفاتحه خزائنه كقوله (وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ) [الأنعام : ٥٩] أي : خزائنه.
قوله : (لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ) فيها وجهان :
أحدهما : بأن الباء للتعدية ، كالهمزة ولا قلب في الكلام ، والمعنى : لتنيء المفاتح العصبة الأقوياء كما تقول : أجأته وجئت به ، وأذهبته وذهبت به (٥) ، ومعنى ناء بكذا : نهض به بثقل ، قال :
٤٠١٧ ـ تنوء بأخراها فلأيا قيامها |
|
وتمشي الهوينا (٦) عن قريب فتبهر (٧) |
وقال أبو زيد : نؤت بالعمل أي : نهضت به (٨) ، قال :
٤٠١٨ ـ إذا وجدنا خلفا بئس الخلف |
|
عبدا إذا ما ناء بالحمل وقف (٩) |
وفسره الزمخشري بالأثقال ، قال : يقال : ناء به الحمل حتى أثقله (١٠)
__________________
(١) انظر الفخر الرازي ٢٥ / ١٥.
(٢) انظر البيان ٢ / ٢٣٦ ، التبيان ٢ / ١٠٢٥.
(٣) قال النحاس : (وسمعت عليّ بن سليمان يقول : ما أقبح ما يقول الكوفيون في الصلات إنه لا يجوز أن يكون صلة الذي وإخوته (أنّ) ، وما علمت فيه وفي القرآن «ما إِنَّ مَفاتِحَهُ») إعراب القرآن ٣ / ٢٤٢.
(٤) انظر البغوي ٦ / ٣٦١.
(٥) انظر إعراب القرآن للنحاس ٣ / ٢٤٢ ، التبيان ٢ / ١٠٢٥ ، البحر المحيط ٧ / ١٣٢.
(٦) الهوينا : سقط من النسختين.
(٧) البيت من بحر الطويل قاله ذو الرّمة في وصف الناقة وهو في ديوانه ٢ / ٦٢٤ القرطبي ١٣ / ٣١٢ ، اللسان (نوأ) ، البحر المحيط ٧ / ١٣٢ ، المفضليات (٣٤٢) ، تنوء : يقال : ناء بالحمل ، إذا نهض به مثقلا ، وناء به الحمل ، إذا أثقله. لأيا ، يقال : ألأى يلأى لأيا ، والتأى يلتأي إذا أبطأ. ومعناه : إن آخرها وهي عجيزتها ، تنيئها إلى الأرض لضخمها وكثرة لحمها في أردافها.
(٨) لم أعثر عليه في النوادر ، وهو في القرطبي ١٣ / ٣١٢ ، البحر المحيط ٧ / ١٣٢.
(٩) بيتان من الرجز لم أهتد إلى قائلهما ، وهما في الكامل ٣ / ١٣١١ ، أساس البلاغة (خصف) والرواية فيهما : أنشدني الرياشي لأعرابي يذم رجلا اتخذ وليمة :
إنّا وجدنا خلفا بئس الخلف |
|
أغلق عنّا بابه ثمّ حلف |
لا يدخل البوّاب إلّا من عرف |
|
عبدا إذا ما ناء بالحمل خضف |
والقرطبي ١٣ / ٣١٢ ، البحر المحيط ٧ / ١٣٢. والشاهد فيه قوله : (ناء بالحمل) أي : نهض به.
(١٠) في ب : حين أفعله. وهو تحريف.