وإنما بني لإضافته إلى غير متمكن كقراءة : (لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ)(١) بالفتح إذا جعلنا (بينكم) فاعلا ، وأما (فِي الْحَياةِ) ففيه أوجه :
أحدها : أنه هو وبينكم متعلقان «بمودة» إذا نونت جاز تعلقها بعامل واحد لاختلافهما (٢).
الثاني : أن يتعلقا بمحذوف على أنهما صفتان (٣) ل «المودة».
الثالث : أن يتعلق «بينكم» «بمودة» و (فِي الْحَياةِ) صفة لمودة ، ولا يجوز العكس لئلا يلزم إعمال المصدر الموصوف (٤) ، والفرق بينه وبين الأول أن الأول عمل فيه المصدر قبل أن يوصف ، وهذا عمل فيه بعد أن وصف ، على أن ابن عطية جوز ذلك هو وغيره (٥) ، وكأنهم اتسعوا في الظرف ، فهذا وجه رابع.
الخامس : أن يتعلق (فِي الْحَياةِ) بنفس «بينكم» لأنه بمعنى الفعل ، (إذ) (٦) التقدير : اجتماعكم ووصلكم (٧).
السادس : أن يكون حالا من نفس «دينكم» (٨).
السابع : أن يكون «بينكم» صفة المودة (٩) و (فِي الْحَياةِ) ، حال من الضمير المستكن فيه.
الثامن : أن يتعلق (فِي الْحَياةِ) «باتخذتم» (١٠) على أن يكون «ما» كافة و «مودة» منصوبة ، قال أبو البقاء : لئلا يؤذي إلى الفصل بين الموصول وما في الصلة (بالخبر) (١١).
قوله (١٢) : «وقال» يعني إبراهيم (إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ) ، فعلى قراءة رفع «مودة» وخفض «بينكم» بالإضافة يكون المعنى : اتخذتم من دون الله أوثانا وهي مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم تنقطع ولا تنفع في الآخرة ، ومن خفض «مودة» من غير تنوين على الإضافة لوقوع الاتخاذ عليها ، ومن نصب «مودة» ونونها ونصب «بينكم»
__________________
ـ السبعة أخذ القراءة عرضا عن زر بن حبيش ، والسلمي وروى عنه أبان بن تغلب ، وحفص ، مات سنة ١٢٠ ه. انظر : خلاصة الكمال ٣٤٧ و ٣٤٩ ، وغاية النهاية ١ / ٣٤٧.
(١) [الأنعام : ٩٤] ، وانظر : السبعة ٢٦٣.
(٢) انظر : البيان ٢ / ٢٤٢ و ٢٤٣.
(٣) قال أبو حيان في البحر : «ويجوز أن يتعلقا بمحذوفين فيكونان في موضع الصفة» البحر ٧ / ١٤٨.
(٤) البيان ٢ / ٢٤٣.
(٥) انظر : شرح المفصل لابن يعيش ١ / ٤٥ ، والبحر ٧ / ١٤٩.
(٦) ساقط من ب.
(٧) انظر : التبيان ٢ / ١٠٣٢ ، والدر المصون ٤ / ٣٠٣.
(٨) المرجع السابق.
(٩) انظر : البيان ٢ / ٢٤٣.
(١٠) انظر : التبيان ٢ / ١٠٣٢ ، والدر المصون ٤ / ٣٠٣ وانظر في كل ما سبق المشكل ٢ / ٦٨ ، ١٧٢.
(١١) ساقط من ب.
(١٢) في ب : فصل بدل قوله.