الآية (١) في خلق السماوات والأرض بالمؤمنين مع أن في خلقها (٢) آية لكل عاقل كما قال تعالى : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ)(٣) وقال تعالى : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ) لقوم يعقلون» (٤).
فالجواب : خلق السموات والأرض آية لكل عاقل ، وخلقهما بالحق آية للمؤمنين فحسب ويدل عليه النقل والنقل ، أما النقل فقوله تعالى : (ما خَلَقْناهُما إِلَّا بِالْحَقِّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ)(٥) أخرج أكثر الناس عن العلم بكونه خلقهما بالحق مع أنه أثبت للكل بأنه خلقهما بقوله : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ) وأما العقل ف (هو أنّ) (٦) العاقل أول ما ينظر إلى خلق السماوات والأرض يعلم أن لها خالقا وهو الله ، ثم (من) (٧) يهديه الله لا يقطع النظر عنهما عند مجرد ذلك بل يقول : إنه خلقهما متقنا محكما وهو المراد من قوله : «بالحق» لأن ما لا يكون محكما يفسد ويبطل فيكون باطلا ، وإذا علم أن خالقهما متقنا يقول : إنه قادر كامل ، حيث خلق ، فأحكم ، وعالم علمه شامل حيث أتقن فيقول : (لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ) ولا يعزب عن علمه أجزاء الموجودات في الأرض ولا في السماوات ، ولا يعجز عن جمعهما كما جمع أجزاء الكائنات والمبدعات فيجوز بعث من في القبور ، وبعثة الرسل ، وهما بالخلق موجودان فيحصل له الإيمان بتمامه من خلق ما خلقه الله على أحسن نظامه.
قوله تعالى : (اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ) يعني القرآن لتعلم أن «نوحا» و «لوطا» وغيرهما كانوا على (٨) ما أنت عليه بلغوا الرسالة ، وبالغوا في إقامة الدلالة ، ولم ينقذوا قومهم من الضلالة ، وهذا تسلية للنبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ (وشرّف وكرّم) (٩).
قوله : (وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) الفحشاء : ما قبح من الأعمال ، والمنكر ما لا يعرف في الشرع. قال ابن مسعود (١٠) ، وابن عباس : في الصلاة منتهى ومزدجر عن معاصي الله فمن لم تأمره صلاته بالمعروف ، ولم تنهه عن المنكر لم يزدد بصلاته من الله إلا بعدا (١١) ، وقال الحسن وقتادة (١٢) : من لم تنهه صلاته عن الفحشاء
__________________
(١) في «ب» ختم الآية.
(٢) في «ب» خلفهما.
(٣) الزمر : ٣٨.
(٤) البقرة : ١٦٤.
(٥) الدخان : ٣٩.
(٦) ساقط من «ب».
(٧) ساقط من «ب».
(٨) في «ب» مما أنت فيه.
(٩) زيادة في «ب» وانظر : تفسير الفخر الرازي ٢٥ / ٦٩ و ٧٠.
(١٠) ابن مسعود : عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب أبو عبد الرحمن الكوفي أحد السابقين الأولين روى ثمانمائة حديث وثمانية وأربعين ، روى عنه خلق من الصحابة ومن التابعين علقمة ، ومسروق ، والأسود مات سنة ٣٢ ه ، انظر خلاصة الكمال ٢١٤.
(١١) القرطبي ١٣ / ٣٨٤.
(١٢) لم أجده في القرطبي ١٣ / ٣٤٨ ، ولا في فتح القدير ٤ / ٢٠٥ ولا في ابن كثير ٣ / ٤١٤ وقد اعتبر ابن ـ