والمنكر فصلاته وبال عليه ، وروي عن أنس بن مالك (١) قال : كان فتى من الأنصار يصلي الصلوات مع رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ثم (لا) (٢) يدع شيئا من الفواحش إلا ركبه فوصف لرسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ حاله فقال : «إنّ صلاته تنهاه يوما» فلم يلبث أن تاب (٣) وحسن حاله ، وقال ابن عون (٤) : معنى الآية : إن الصلاة تنهى صاحبها عن الفحشاء والمنكر ما دام (٥) فيها ، وقيل : المراد بالصلاة القرآن كما قال : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها)(٦) ، أي بقراءتك ، وأراد أنه يقرأ القرآن في الصلاة ، فالقرآن ينهاه عن الفحشاء والمنكر.
قوله : (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) أي ذكر الله أفضل الصناعات ، قال عليه (الصلاة و) (٧) السلام : «ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير من إعطاء الذهب والفضة وأن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم» قالوا : ماذا (٨) يا رسول الله؟ قال : ذكر الله (٩) وسئل رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أيّ العباد أفضل درجة عند الله يوم القيامة؟ قال : الذّاكرون الله كثيرا ، قالوا يا رسول الله : ومن الغازي (١٠) في سبيل الله ، فقال : لو ضرب بسيفه الكفار والمشركين حتى ينكسر أو يختضب (١١) دما لكان الذاكرون الله كثيرا أفضل منه (١٢). وروى أبو هريرة قال : كان رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يسير في طرق مكة فمرّ على جبل يقال له : حمدان ، فقال : سيروا هذا حمدان (١٣). سبق المفردون ، قالوا : وما المفردون يا رسول الله؟ قال : الذاكرون الله كثيرا والذاكرات.
قيل : معنى قوله : (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) أي ذكر الله إياكم أفضل من ذكركم إياه
__________________
ـ كثير كثيرا من هذه الأشياء المروية موقوفة قال : «والأصح في هذا كله الموقوفات عن ابن مسعود ، وابن عباس ، والحسن ، وقتادة ، والأعمش وغيرهم والله أعلم» ، انظر : تفسير ابن كثير ٣ / ٤١٤.
(١) تقدم.
(٢) ساقط من (ب).
(٣) انظر : تفسير القرطبي ١٣ / ٣٤٨ فتح القدير ٤ / ٢٠٥.
(٤) ابن عون هو عبد الله بن عون أبو عون الخراز البصري رأى أنس بن مالك مات سنة ١٥١ ه تهذيب التهذيب ٥ / ٣٤٦.
(٥) المراجع السابقة.
(٦) الإسراء : ١١٠.
(٧) ساقط من «ب».
(٨) الحديث أخرجه ابن جرير ، وابن أبي شيبة عن أبي الدرداء. انظر : روح المعاني للألوسي ٢٠ / ٦٥ وجامع الأحاديث للسيوطي ٣ / ٣١٣ ، وفي «ب» ما ذاك.
(٩) في «ب» ذكر لله.
(١٠) في «ب» المغازي بالميم.
(١١) في «ب» والتخضب.
(١٢) أخرجه أحمد في الزهد وابن المنذر عن معاذ بن جبل. انظر : روح المعاني للألوسي ٢٠ / ١٦٥.
(١٣) أخرجه الترمذي وحسنه ، وابن مردويه عن أبي هريرة وأبي الدرداء «سيروا سبق المفردون قيل يا رسول الله ومن المفردون؟ قال : الذين يهتزون في ذكر الله يضع الذكر عنهم أثقالهم فيأتون يوم القيامة خفافا». انظر : تفسير الدر المنثور ٦ / ٤٥٥.