وقيل : وما كانوا (إلا (١)) «مبلسين» أي آيسين (٢).
قوله : (مِنْ قَبْلِهِ) فيه وجهان :
أحدهما : أنه تكري ر «لمن قبل» الأولى على سبيل التوكيد (٣).
والثاني : أن يكون غير مكرّر (٤) ؛ وذلك (أَنْ يَجْعَلَ)(٥) الضمير في «قبله» للسّحاب ، وجاز ذلك لأنه اسم جنس يجوز تذكيره وتأنيثه ، أو للريح (٦) فتتعلق («من» الثانية (٧)) بينزّل. وقيل: يجوز عود الضمير على «كسفا» كذا أطلق أبو البقاء (٨) ، وأبو حيان (٩) ، وهذه بقراءة من سكّن السّين (١٠).
وقد تقدمت قراءات «كسفا» في «سبحان» (١١). وقد أبدى الزمخشريّ وابن عطيّة (فائدة التوكيد (١٢) المذكور فقال ابن عطية) أفاد (١٣) الإعلام بسرعة تقلب (١٤) قلوب البشر من الإبلاس إلى الاستبشار ، وذلك أن قوله : (مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ) يحتمل الفسحة في الزمان أي من قبل أن ينزل بكثير كالأيام ونحوه ، فجاء قوله : (مِنْ قَبْلِهِ) (بمعنى (١٥)) أن ذلك متصل بالمطر ، فهذا تأكيد مفيد. وقال الزمخشري (١٦) : ومعنى التأكيد فيه الدلالة على أنّ عهدهم بالمطر قد نفد (١٧) فاستحكم بأسهم وتمادى إبلاسهم ، فكان استبشارهم على قدر اغتمامهم (١٨) بذلك ، وهو كلام حسن ، إلّا أنّ أبا حيّان لم يرتضه منهما فقال : ما ذكراه من فائدة التأكيد غير ظاهر فإنما هو (١٩) لمجرد التوكيد ويفيد رفع المجاز انتهى.
قال شهاب الدين ولا أدري عدم الظّهور لماذا (٢٠).
__________________
(١) ساقط من «ب».
(٢) انظر : غريب القرآن ٣٤٢ واللسان : «أي س» والقرطبي ١٤ / ٤٤.
(٣) نقله الكشاف ٣ / ٢٢٦٥ والأخفش في معانيه ٢ / ٦٥٨ والقرطبي ١٤ / ٤٤ والمحكم «قبل».
(٤) البحر المحيط ٧ / ١٧٨ وقد رجح ذلك أبو حيان.
(٥) ساقط من «ب».
(٦) في «ب» أو الريح.
(٧) ساقط من «ب».
(٨) التبيان ١٠٤٢.
(٩) البحر المحيط ٧ / ١٧٨.
(١٠) من «كسفا».
(١١) وهي قول الله تعالى : «أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً»، وهي الآية ٩٢ من الإسراء. وقد قرأ بإسكان السين على الإفراد أبو جعفر ، وابن ذكوان ، وهشام ، وقرأ بفتح السين جمعا ابن كثير ونافع وأبو عمرو ، وروى حفص عن عاصم أنه فتح السين في كل القرآن إلا الطور (٤٤).
انظر : اللباب ٦ / ١١٣ بتصرف والإتحاف ٣٤٨ والسبعة ٣٥٨ والبحر المحيط ٦ / ٧٩.
(١٢) ما بين القوسين ساقط من «ب».
(١٣) المحرر الوجيز لابن عطية ، والبحر المحيط ٧ / ١٧٨ و ١٧٩.
(١٤) في «ب» تقليب.
(١٥) ساقط من «ب».
(١٦) الكشاف ٣ / ٢٢٦.
(١٧) في الكشاف بعد.
(١٨) في «ب» اهتمامهم.
(١٩) في «ب» وإنما هو.
(٢٠) انظر : الدر المصون ٤ / ٣٣٢.