على وهن ـ بفتح الهاء فيهما (١) ـ فاحتمل أن تكونا لغتين كالشّعر والشّعر ، واحتمل أن يكون المفتوح مصدر «وهن» بالكسر يوهن وهنا.
قوله : (وَفِصالُهُ) قرأ الجحدريّ وقتادة وأبو رجاء (٢) والحسن «وفصله» دون ألف (٣) ـ أي وفطامه في عامين.
فإن قيل : وصى الله بالوالدين ، وذكر السبب في حق الأم مع أن الأب وجد منه الحشر من الأم لأنه حمله في صلبه سنين ورباه بكسبه سنين فهو أبلغ.
فالجواب : أن المشقة الحاصلة للأم أعظم فإن (٤) الأب حمله خلفة لكونه من جملة جسده ، والأم حملته ثقلا آدميّا مودع فيها وبعد وضعه وتربيته ليلا ونهارا وبينهما ما لا يخفى من المشقة.
قوله : (أَنِ اشْكُرْ) في «أن» وجهان :
أحدهما : أنها مفسرة (٥).
والثاني : أنها مصدرية في محل نصب ب «وصّينا» قاله الزجاج (٦) ، لما كان الوالدان سبب وجود الولد والموجد في الحقيقة للولد والوالدين هو الله أمر بأن يشكر قبلهما. ثم بين الفرق فقال (إِلَيَّ الْمَصِيرُ) أي المرجع ، قال سفيان بن عيينة (٧) في هذه الآية من صلى الصلوات الخمس فقد شكر الله ، ومن دعا للوالدين في أدبار الصّلوات الخمس فقد شكر الوالدين.
قوله : (وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما) يعني أن خدمتهما واجبة ، وطاعتهما لازمة ما لم يكن فيها ترك طاعة الله فإن أفضى إليه فلا تطعهما ، وتقدم تفسير الآية في العنكبوت. وقوله : «معروفا» صفة لمصدر محذوف (٨) أي صحابا معروفا وقيل : الأصل: بمعروف (٩).
قوله : (وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ) أي دين من أقبل إلى طاعتي وهو النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ
__________________
(١) هذه قراءة شاذة ذكرها ابن خالويه في المختصر ١١٧ و ١١٦ والمحتسب ٢ / ١٦٧ وانظر أيضا القرطبي ١٤ / ٦٤ وزاد المسير ٦ / ٣١٩ والبحر ٧ / ١٨٧ والكشاف ٣ / ٢٣٢.
(٢) أبو رجاء عمران بن تيم العطاردي البصري التابعي الكبير كان مخضرما ، أسلم في حياة النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وعرض القرآن على ابن عباس وتلقن من أبي موسى روى عنه أبو الأشهب العطاردي مات سنة ١٠٥ ه انظر : طبقات القراء ١ / ٦٠٤.
(٣) الإتحاف ٣٥٩ والكشاف ٣ / ٢٣٢ والبحر ٧ / ١٨٧ ومختصر ابن خالويه ١١٧ والمحتسب ٢ / ١٦٧.
(٤) في «ب» «لأنّ».
(٥) وقد تقدم أنها قول كثير من العلماء كالنحاس والفخر الرازي.
(٦) ذكره في معاني القرآن وإعرابه ٤ / ١٩٦.
(٧) انظر القرطبي ١٤ / ٦٥.
(٨) التبيان ١٠٤٤.
(٩) السابق.