استفهامية (١) معلقة «لتعلم» فإن كانت متعدية لاثنين سدت مسدهما أو لواحد سدت مسده.
قوله : (مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ) قرأ عبد الله ، وأبو الدرداء وأبو هريرة «من قرات أعين» جمعا (٢) بالألف والتاء ، و «جزاء» مفعول له ، أو مصدر (٣) مؤكد لمعنى الجملة قبله ، وإذا كانت «ما» استفهامية فعلى قراءة (من (٤) قرأ ما) بعدها فعلا ماضيا يكون في محل رفع بالابتداء ، والفعل بعدها الخبر ، وعلى قراءة من قرأ مضارعا يكون مفعولا مقدما (٥) و «من قرّة» حال (٦) من «ما» والمعنى ما يقرّ الله به أعينهم (جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) قال ابن عباس (٧) : هذا مما لا تفسير له. قال بعضهم(٨) : أخفوا أعمالهم فأخفى الله ثوابهم.
قوله : (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً) نزلت في عليّ بن أبي طالب ، والوليد بن عقبة بن أبي معيط أخي عثمان لأمه وذلك أنه كان بينهما تنازع فقال الوليد بن عقبة لعليّ : اسكت فإنك فاسق فأنزل الله عزوجل : (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) ولم يقل لا يستويان لأنه لم يرد مؤمنا واحدا ولا فاسقا واحدا بل أراد جميع المؤمنين وجميع الفاسقين. وقوله : «لا يستوون» مستأنف ؛ روي أن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ كان يعتمد الوقف على قوله «فاسقا» ثم يبتدىء : «لا يستوون».
قوله : (أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) لما ذكر أن المؤمن (٩) والفاسق لا يستويان بطريق الإجمال بين عدم استوائهما على سبيل التفصيل فقال : (أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى) قرأ (١٠) طلحة «جنة المأوى» بالإفراد (١١) ، والعامة بالجمع ، أي التي يأوي إليها المؤمنون. وقرأ أبو حيوة (١٢) نزلا ـ بضم وسكون ـ وتقدم تحقيقه آخر آل عمران (١٣) ، (وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ) وهذا إشارة إلى حال الكافر ، واعلم أن العمل الصالح له مع الإيمان تأثير فلذلك قال : (آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) ، وأما الكفر فلا التفات إلى الأعمال معه فلهذا لم يقل : (وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا
__________________
(١) المراجع السابقة.
(٢) من الشواذ وانظر المختصر ١١٨ والمحتسب ٢ / ١٧٤ ومعاني الفراء ٢ / ٣٣٢.
(٣) ذكره أبو البقاء في التبيان ١٠٤٩.
(٤) ساقط من «ب».
(٥) الدر المصون ٤ / ٣٦١.
(٦) السابق.
(٧) القرطبي ١٤ / ١٠٤.
(٨) وهو الحسن ذكر الطبري في تفسيره ٢١ / ٦٨.
(٩) في «ب» الفاسق والمؤمن.
(١٠) طلحة هنا هو طلحة بن مصرف وقد تقدمت ترجمته.
(١١) انظر : مختصر ابن خالويه ١١٨ وهي من الشواذ غير المتواترة.
(١٢) ذكرها أبو حيان ٧ / ٢٠٣.
(١٣) يقصد قوله تعالى :«نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اللهِ» وهي الآية ٩٨ من سورة «آل عمران» وقد بين هناك أن الإسكان للتخفيف وأن النزل والنزل هو إعداد الضيف انظر اللباب ٢ / ٦٥٠ ب.