وعملوا السيئات» ؛ لأن المراد من «فسقوا» كفروا ، ولو جعل العقاب في مقابلة الكفر والعمل لظن (أن) (١) مجرد الكفر (لا) (٢) عقاب عليه (٣).
قوله : (الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ) صفة لعذاب (٤) ، وجوز أبو البقاأ أن يكون صفة للنار قال : وذكر على معنى الجحيم والحريق (٥).
قوله : (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ) قال أبي بن كعب والضحاك والحسن وإبراهيم (٦) : العذاب الأدنى مصائب الدنيا وأسقامها (٧) وهو (٨) روآية الوالبي (٩) عن ابن عباس ، وقال عكرمة عنه : الحدود (١٠) ، وقال مقاتل : الجوع (١١) سبع سنين بمكة حتى أكلوا الجيف والعظام والكلاب. وقال ابن مسعود (١٢) : هو القتل بالسيف يوم بدر وهو قول قتادة والسدي. وأما العذاب الأكبر وهو عذاب الآخرة فإن عذاب الدنيا لا نسبة له إلى عذاب الآخرة (١٣).
فإن قيل : ما الحكمة في مقابلته «الأدنى» «بالأكبر» ، «والأدنى» إنما هو في مقابلة «الأقصى» «والأكبر» إنما هو في مقابلة «الأصغر»؟
فالجواب : أنه حصل (١٤) في عذاب الدنيا أمران : أحدهما : أنه قريب والآخر : أنه قليل صغير ، وحصل (١٥) في عذاب الآخرة أيضا أمران ، أحدهما : أنه بعيد والآخر أنه عظيم كبير لكن العرف (١٦) في عذاب الدنيا هو (١٧) أنه الذي يصلح التخويف به فإن العذاب العاجل وإن كان قليلا فلا يحترز عنه بعض الناس أكثر مما يحترز من (١٨) العذاب الشديد إذا كان آجلا ، وكذا الثواب العاجل قد يرغب فيه بعض الناس ويستبعد الثواب العظيم الآجل. وأما في عذاب الآخرة فالذي يصلح للتخويف هو العظيم والكبير (لا) (١٩) البعيد لما بينا فقال في عذاب الدنيا الأدنى ليحترز العاقل (٢٠) عنه ولو قال : «ولنذيقنهم
__________________
(١) ساقط من «ب».
(٢) ساقط من «ب».
(٣) انظر تفسير الفخر الرازي ٢٥ / ١٨٢.
(٤) الدر المصون ٤ / ٣٦١ والتبيان ١٠٥٠.
(٥) المرجع السابق الأخير.
(٦) هو النخعي وقد سبق ترجمته.
(٧) القرطبي ١٤ / ١٠٧.
(٨) في «ب» وهي.
(٩) الوالبي : علي بن ربيعة بن نضلة الوالبي أبو المغيرة الكوفي عن علي وسلمان ، وعنه الحكم وأبو إسحاق له في البخاري ومسلم حديث. انظر : خلاصة الكمال ٢٧٤.
(١٠) المرجع السابق.
(١١) فتح القدير ٤ / ٢٥٦ والمرجع السابق أيضا.
(١٢) زاد المسير ٦ / ٣٤١.
(١٣) المرجع السابق.
(١٤) في «ب» جعل بدلا من حصل.
(١٥) في «ب» جعل بدلا من حصل.
(١٦) في «ب» لكن الفرق وفي تفسير الفخر الرازي «لكن القرب» وهو الأقرب.
(١٧) في «ب» وهو بزيادة واو.
(١٨) في «ب» عن.
(١٩) هكذا هي هنا وفي تفسير الفخر الرازي ولكنها ساقطة من «ب».
(٢٠) في «ب» العاجل.