من العذاب الأصغر» ما كان يحترز عنه لصغره وعدم فهم كونه عاجلا ، وقال في عذاب الآخرة الأكبر لذلك المعنى ولو قال : من العذاب الأبعد الأقصى (لما حصل) (١) التخويف به مثل ما يحصل (٢) بوصفه بالكبر.
قوله : (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) إلى الإيمان يعني من بقي منهم بعد «بدر».
فإن قيل : ما الحكمة في هذا الترجي وهو على الله تعالى محال؟
فالجواب : فيه وجهان :
أحدهما : معناه لنذيقنهم إذاقة الراجين كقوله : (إِنَّا نَسِيناكُمْ) يعني تركناكم كما يترك الناسي (حيث لا يلتفت (٣) إليه) أصلا كذلك هاهنا.
والثاني : نذيقهم العذاب إذاقة يقول القائل : لعلهم يرجعون بسببه.
قوله : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ) (أي من (٤) ذكر بآيات الله) من النعم أولا ، والنقم ثانيا ولم يؤمنوا ، فلا أظلم منهم أحد.
قوله : (ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها) هذه أبعد (٥) ما بين الرتبتين معنى (٦) ، وشبهها الزمخشري بقوله :
٤٠٦٧ ـ وما يكشف الغماء إلا ابن حرة |
|
يرى غمرات الموت ثم يزورها (٧) |
قال : استبعد (أن يزور) (٨) غمرات الموت بعد أن رآها وعرفها ، واطلع على شدتها (٩).
قوله : (إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ) (يعني المشركين) (١٠) «منتقمون».
قوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ (٢٣) وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ (٢٤) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (٢٥) أَوَلَمْ
__________________
(١) ساقط من «ب».
(٢) في «ب» ما يحترز.
(٣) ساقط من «ب».
(٤) كذلك.
(٥) في «ب» لبعد.
(٦) الدر المصون ٤ / ٣٦١.
(٧) وفي الكشاف : «لا يكشف» وفي البح ر «ولا يكشف» والغماء : الشدة المظلمة والبيت من بحر الطويل وهو لجعفر بن علبة الحارثي ومعناه : أن تلك الغمة لا يزيلها إلا إنسان شجاع ابن حرة يجيد الهلاك في الإقدام ومع ذلك يقدم عليه وشاهده أن «ثم» هنا تفيد التراخي بين رتبتين متباينتين رتبة النكوص ورتبة الإقدام وعلى ذلك صح التنظير بالآية. وانظر : البحر المحيط ٧ / ٢٠٤ والحماسة البصرية ١ / ١٥٠ والكشاف ٣ / ٢٤٦ وشرح شواهده ٤ / ٤١٧ والسراج المنير ٣ / ٢١٣ والبيضاوي ٢ / ١٢٦.
(٨) ساقط من «ب».
(٩) الكشاف ٣ / ٢٤٦.
(١٠) ساقط من «ب».