فإن قيل : فلم لم يقل إن النبي أبوكم ويحصل هذا المعنى أو لم يقل أزواج أبيكم؟.
فالجواب : أن الحكمة فيه هو النبي (عليهالسلام (١)) (مما بينا (٢)) أنه إذا أراد زوجة واحد من الأمة وجب عليه تركها ليتزوج بها النبي ـ عليه (الصلاة (٣) و) السلام (٤) ـ فلو قال : أنت أبوهم (٥) لحرم عليه زوجات المؤمنين على التأبيد ، ولأنه لما جعل أولى بهم من أنفسهم والنفس مقدمة على الأب لقوله (ـ عليهالسلام ـ) (٦) : «ابدأ بنفسك ثمّ بمن تعول» (٧) ولذلك فإن (٨) المحتاج (إلى القوت (٩)) لا يجب عليه صرفه إلى (الأب ويجب عليه (١٠) صرفه إلى) النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ثم إن أزواجه لهم حكم أزواج الأب حتى لا تحرم أولادهن على المؤمنين ولا أخواتهن ولا أمهاتهن وإن كان الكل يحرمن في الأم الحقيقية والرضاعة.
قوله : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) يعني في الميراث قال قتادة : كان المسلمون يتوارثون بالهجرة (١١) قال الكلبي : إخاء رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بين الناس كان يؤاخي بين رجلين فإذا مات أحدهما ورثه الآخر دون عصبته حتى (١٢) نزلت هذه الآية : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) في حكم الله من المؤمنين الذين آخى رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بينهم والمهاجرين يعني ذوي القرابات بعضهم أولى بميراث بعض من أن يرثوا بالإيمان والهجرة فنسخت هذه الآية الموارثة بالمؤاخاة والهجرة فصارت بالقرابة وبعضهم يجوز فيه وجهين :
أحدهما : أن يكون بدلا من أولو.
والثاني : أنه مبتدأ ، وما بعده خبر ، والجملة خبر (١٣) الأول.
قوله : (فِي كِتابِ اللهِ) يجوز أن يتعلق «بأولي» إلا أن أفعل التفضيل يعمل في الظرف ، ويجوز أن يتعلق بمحذوف على أنه حال من الضمير في أولو والعامل فيها أولو لأنها شبيهة بالظرف ولا جائز أن يكون (١٤) حالا (من أولو (١٥)) للفصل بالخبر ولأنه لا عامل (١٦) فيها.
__________________
(١ و ٢ و ٣) سواقط من «ب».
(٤) انظر : الفخر الرازي ٢٥ / ١٩٥.
(٥) في «ب» فلو قال النبي أبوكم.
(٦) ساقط من «أ».
(٧) الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه باب الزكاة برقم ٤١.
(٨) في «ب» كان.
(٩) ساقط من «ب».
(١٠) ساقط من «ب».
(١١ و ١٢) حكاهما القرطبي في ١٤ / ١٢٤.
(١٣) قرره العكبري في التبيان ١٠٥٢ والدر المصون ٤ / ٣٦٦.
(١٤) المرجعان السابقان والبحر المحيط ٧ / ١٣.
(١٥) ساقط من «ب».
(١٦) وهذا رأي أبي حيّان المرجع السابق.