ويحتمل أن يكون على حذف مضاف أي أولياء الله كقوله : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) [يوسف : ٨٢] أي أهل القرية (١) قال عليه (الصلاة (٢) و) السلام : قال الله تعالى : «من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب». وقال : «من أهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة» (٣). ومعنى الأذى هو مخالفة أمر الله وارتكاب معاصيه وذكره على ما يتعارفه الناس بينهم والله عزوجل منزه عن أن يلحقه أذى من أحد ، وقال بعضهم أتى بالجلالة تعظيما ، والمراد يؤذون رسولي كقوله : (إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ) [الفتح : ١٠] وأما إيذاء الرسول فقال ابن عباس : هو أنه شجّ في وجهه وكسرت رباعيّته ، وقيل : ساحر شاعر معلم مجنون (٤) ، ثم قال : (لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) واللعن الطرد ، وهذا إشارة إلى بعد لا رجاء للقرب معه ، لأن البعيد في الدنيا يرجو القرب في الآخرة فإذا خاب في الآخرة فقد خاب وخسر. ثم إنه تعالى لم يحصر جزاءه في الإبعاد بل أوعده بالعذاب المهين فقال : (وَأَعَدَّ لَهُمْ) وهذا يفيد التأكيد ؛ لأن السيد إذا عذب عبده حالة الغضب من غير إعداد يكون دون ما أعد له قيدا وغلّا (٥).
قوله : (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا) أي من غير ما عملوا ما أوجب أذاهم ، وقال مجاهد : يقعون فيهم ويرمونهم بغير كلام (٦) ، وقيل : إن من جلد مائة على شرب الخمر أو حدّ أربعين على لعب النّرد فقد أوذي بغير ما اكتسب (٧).
قوله : (فَقَدِ احْتَمَلُوا) خبر (وَالَّذِينَ) ودخلت الفاء لشبه الموصول بالشرط (٨).
وقوله : (بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً) قال مقاتل (٩) : نزلت في علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ كانوا يؤذونه ويسمعونه (١٠) وقيل : نزلت في شأن عائشة ، وقال الضحاك والكلبي : نزلت في الزّناة (الذين) (١١) كانوا يتمشون في طريق المدينة يتبعون النساء إذا برزن بالليل لقضاء حوائجهن فيغمزون المرأة فإن سكتت اتبعوها وإن زجرتهم انتهوا عنها ولم يكونوا
__________________
(١) هذا هو الوجه الثاني في معنى قوله : «إِنَّ اللهَ» * فقوله : «ويحتمل أن يكون على حذف مضاف» معطوف على قوله «أي يقولون فيه ما صورته أذى وإن كان تعالى لا يلحقه ضرر ذلك» وانظر : البحر المحيط لأبي حيان ٧ / ٢٤٩ ، والدر المصون ٤ / ٤٠٢ والكشاف ٣ / ٢٧٣ و ٢٧٤.
(٢) سقط من «أ».
(٣) ذكر الأول البخاري في صحيحه باب الرقاق وانظر الاثنين في الخازن والبغوي بدون سند ٥ / ٢٧٦.
(٤) زاد المسير ٦ / ٤٢٠ والبغوي والخازن ٥ / ٢٧٦.
(٥) قاله الفخر الرازي في تفسيره ٢٥ / ٢٢٨.
(٦) أو جرم قاله الخازن والبغوي في المرجعين السابقين.
(٧) هذا هو رأي الفخر ٢٥ / ٢٢٨ و ٢٢٩.
(٨) في أن الشرط يجيء جوابه بالفاء فإنها لا تأتي إلا إذا كان الجواب جملة اسمية أو جملة فعلية فعلها طلبي أو جملة فعلية مصدرة بالسين وسوف أو بقد كما هنا ، وانظر : الدر المصون للسمين الحلبي ٤ / ٤٠٢.
(٩) تفسير الخازن والبغوي ٥ / ٢٧٦.
(١٠) في تفسير البغوي : «ويشتمونه».
(١١) سقطت من «ب».