وأبو البقاء (١) ، قال ابن عطية لأنه بمعنى منتفون منها ملعونين (٢) ، وقال الزمخشري : دخل حرف الاستثناء على الحال والظرف معا كما مر في قوله : (إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ)(٣) وتقدم بحث أبي حيان معه ، وهو عائد هنا (٤) ، وجوز الزمخشري أن ينتصب على الشّتم (٥) ؛ وجوز ابن عطية أن يكون بدلا من (٦) «قليلا» على أنه حال كما تقدم تقريره (٧) ، ويجوز أن يكون «ملعونين» نعتا ، ل «قليلا» على أنه منصوب على الاستثناء من واو «يجاورونك» كما تقدم تقريره ، أي لا يجاورك منهم أحد قليلا ملعونا ، ويجوز أن يكون منصوبا «بأخذوا» الذي هو جواب الشرط ، وهذا عند الكسائي والفراء فإنهما يجيزان تقدم معمول الجواب على أداة الشرط نحو : خيرا إن تأتني تصب ، وقد منع الزمخشري من ذلك فقال : ولا يصح أن ينتصب «بأخذ» لأن ما بعد كلمة الشرط لا يعمل فيما قبلها (٨) ، وهذا منه مشي على الجارّة ، وقوله ما بعد كلمة الشرط يشمل فعل الشرط والجواب ، فأما الجواب فتقدم حكمه وأما الشرط فأجاز الكسائيّ أيضا تقديم معموله على الأداة ، نحو : «زيدا إن تضرب أهنك» (٩) فتلخص في المسألة ثلاثة مذاهب المنع مطلقا ، الجواز مطلقا ، التفصيل يجوز تقديم معمولي الجواب ، ولا يجوز تقديم معمولي الشرط وهو رأي الفراء.
قوله : «وقتّلوا» العامة على التشديد ، وقرىء بالتخفيف (١٠). وهذه يردها مجيء المصدر على التفعيل إلا أن يقال : جاء على غير مصدره (١١) ، وقوله : (سُنَّةَ اللهِ) تقدم نظيرها.
__________________
(١) التبيان ١٠٦٠.
(٢) في البحر ٧ / ٢٥١ قال : ـ أي ابن عطية ـ «كأنه قال : ينتفون من المدينة ملعونين».
(٣) الكشاف ٣ / ٢٧٥.
(٤) فقد قال أبو حيان بأنه لا يقع بعد «إلا» في الاستثناء إلا المستثنى والمستثنى منه أو صفته ولا يجوز في ما عدا هذا عند الجمهور ، وقد أجاز ذلك الكسائي والأخفش وأجازوا : ما قام القوم إلا يوم الجمعة ضاحكين وقد تعرضت لتلك القضية بالتفصيل عند الآية «٥٣» من تلك السورة.
(٥) الكشاف ٣ / ٢٧٤.
(٦) نقله عنه أبو حيان في بحره ٧ / ٢٥١.
(٧) وممن قال بحاليته أيضا مكي في مشكل إعراب القرآن وقد أجاز النصب على الذم والشتم أيضا كالزمخشري ، انظر : المشكل ٢ / ٢٠٢ وقال بهذين القولين أيضا ابن الأنباري في بيانه ٢ / ٢٧٢ و ٢٧٣.
(٨) انظر : الكشاف ٣ / ٢٧٥.
(٩) هذا انطباع من المؤلف يشبه انطباع أبي حيان والسمين في كل من البحر والدر وانظر : البحر ٧ / ٢٥١ والدر ٤ / ٤٠٣.
(١٠) نقل هذه القراءة أبو حيان في البحر ٧ / ٢٥١ وقد جعلها صاحب شواذ القرآن عربية ولم يثبتها قراءة انظر : الشواذ ١٩٥.
(١١) البحر المحيط ٧ / ٢٥١ والدر المصون ٤ / ٤٠٤.