صلّيت (١) خلف ابن شنبوذ (٢) في رمضان فسمعته يقرأ بقراءة ابن مسعود (٣) هذه قال شهاب الدين : وكان مولعا بنقل الشاذة (٤) ، وما في (مِمَّا قالُوا) إمّا مصدرية ، وإما بمعنى الذي (٥) ، و «وجيها» كريما ذا جاه ، يقال وجه الرّجل يوجه وجاهة فهو وجيه إذا كان ذا جاه وقدر (٦). قال ابن عباس : كان حظيّا عند الله لا يسأل شيئا إلّا أعطاه وقال الحسن : كان مستجاب الدعوة ، وقيل : كان محببا مقبولا (٧) ، واختلفوا فيما أوذي به موسى فروى أبو هريرة قال : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «إنّ موسى كانرجلا حييا سترا لا يرى من جلده شيء استحياء منه فآذاه من آذاه من بني إسرائيل فقال : ما يستتر هذا التّستّر إلا من عيب بجلده إما برص ، وإما أدرة ، وإمّا آفة ، وإن الله أراد أن يبرئه مما قالوا فخلا يوما وحده فخلع فوضع ثيابه على حجر ثم اغتسل فلما فرغ أقبل إلى ثيابه ليأخذها وإن الحجر غدا بثوبه فأخذ موسى عصاه وطلب الحجر فجعل يقول ثوبي حجر ، ثوبي حجر حتى انتهى إلى ملأ من بني إسرائيل فرأوه عريانا أحسن ما خلق الله وأبرأه ممّا يقولون وقام الحجر فأخذ ثوبه واستتر وطفق بالحجر يضربه بعصاه فوالله إن بالحجر لندبا من أثر ضربه ثلاثا أو أربعا أو خمسا» (٨). وقيل : لما (٩) مات هارون في التيه ادّعوا على موسى أنه قتله فأمر الله الملائكة حتى مروا به على بني إسرائيل فعرفوا أنه لم يقتله ولم يروا ببدنه جرحا ، وقال أبو العالية : إن قارون استأجر امرأة لتقذف موسى بنفسها على رأس الملأ فعصمه الله وبرأ موسى وأهلك قارون (١٠) ، وروى أبو وائل (١١) قال : سمعت
__________________
(١) المرجع السابق.
(٢) محمد بن أحمد بن أيوب بن الصلت بن شنبوذ أبو الحسن البغدادي شيخ الإقراء بالعراق أخذ عن كثيرين منهم أحمد بن نصر بن وأخذ عنه كثير منهم الحسن بن سعيد المطوّعي. مات سنة ٣٢٨ ه انظر : غاية النهاية ٢ / ٥٢ : ٥٦.
(٣) اضطرب في نقل هذه القراءة عنه رحمهالله ، ففي المحتسب : «وكان عبدا لله وجيها» وفي المختصر لابن خالوي ه «وكان عبد الله وجيها» ونسبت للأعمش وأبي حيوة. قال ابن خالويه وقيل : لابن مسعود وما في البحر والقرطبي والكشاف يوافق ما في المختصر انظر : البحر ٧ / ٣٥٣ والجامع ١٤ / ٢٥٢ والكشاف ٣ / ٢٧٦ وانظر شواذ القرآن ١٩٦ «وكان عبدا لله» موافقة لابن جني في المحتسب وقد ذكر الإتحاف تلك القراءة رغم أنها شاذة فقال : وعن المطوعي «وكان عبد الله» بفتح العين فباء موحدة مع تنوين الدال منصوبة من العبودية لله بالجر ووجيها صفة «عبدا» الإتحاف ٣٥٦.
(٤) الدر المصون ٤ / ٤٠٦.
(٥) السابق.
(٦) قال ابن منظور في اللسان «وج ه» : «ورجل وجيه ذو وجاهة ، وقد وجه الرجل ـ بالضم ـ صار وجيها أي ذا جاه وقدر وانظر أيضا القرطبي ١٤ / ٢٥٢.
(٧) انظر هذه الأقوال في زاد المسير لابن الجوزي ١٦ / ٤٢٦ ومعالم التنزيل ٥ / ٢٧٨.
(٨) الحديث أورده البخاري في صحيحه تفسير سورة ٣٣ و ١١١. انظره في البخاري ٣ / ١٧٨ وانظر : مسند الإمام أحمد ٢ / ٥١٥ وتفسير البغوي ٥ / ٢٧٨.
(٩) المرجع الأخير السابق.
(١٠) وانظر أيضا الخازن ٥ / ٢٧٨.
(١١) هو شقيق بن سلمة الأسدي أبو وائل الكوفي أحد سادة التابعين مخضرم عن أبي بكرة وعمر ، وعثمان ـ