عبد الله قال : قسم النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قسما فقال رجل إن هذه القسمة ما أريد بها وجه الله فأتيت النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فأخبرته فغضب حتى رأيت الغضب في وجهه ثم قال «يرحم الله موسى أوذي بأكثر من هذا فصبر».
قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً). قال ابن عباس : صوابا ، وقال قتادة عدلا ، وقال الحسن : صدقا ، وقيل : مستقيما ، وقال عكرمة : هو قول لا إله إلا الله (١)(يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ) ، قال ابن عباس : يتقبل حسناتكم ، وقال مقاتل : يزكي أعمالكم (٢)(وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً) ؛ لأن النجاة من العذاب تعظيم بعظم العذاب فإن من أراد أن يضرب عبده سوطا ثم نجا منه لا يقال : فاز فوزا عظيما ، ويحتمل أنه أراد بالفوز العظيم الثواب الكبير الدائم الأبديّ (٣).
قوله : (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ) وهذا إما حقيقة وإما تمثيل وتخييل. وأراد بالأمانة الطاعة والفرائض التي فرضها الله على عباده عرضها على السموات والأرض والجبال على أنهم إن أدوها أثابهم وإن ضيّعوها عذبهم ، قاله ابن عباس (٤). وقال ابن مسعود : الأمانة أداء الصّلوات وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحجّ البيت وصدق الحديث وقضاء الدّين والعدل في المكيال والميزان وأشدّ من هذا كلّه الودائع (٥). وقال مجاهد : الأمانة (٦) الفرائض وحدود الدين. وقال أبو العالية : ما أمروا به ونهوا عنه (٧) ، وقال زيد بن أسلم : هي الصوم والغسل من الجنابة وما يخفى من الشرائع (٨). وقال عبد الله بن عمرو بن العاص : أول ما خلق الله من الإنسان فرجه وقال : هذه أمانة استودعتكها فالفرج أمانة والأذن أمانة والعين أمانة واليد أمانة والرّجل أمانة ولا إيمان لمن لا أمانة له ، وقيل : هي أمانات الناس والوفاء بالعهود فحق كل مؤمن أن لا يغشّ مؤمنا ولا معاهدا في شيء قليل ولا كثير. وهذه رواية الضّحاك عن ابن عباس وجماعة من التابعين (٩) ، وأكثر السلف أن الله عرض هذه الأمانة على السموات والأرض
__________________
ـ وعنه الشعبيّ وعمرو بن مرة وغيرهما مات في خلافة عمر بن العزيز وانظر الخلاصة ١٦٧ وانظر : تفسير الخازن والبغوي ٥ / ٢٧٨.
(١) أورد هذه الأقوال المرجعان السابقان والقرطبيّ ١٤ / ٢٥٣ وزاد المسير ٦ / ٤٢٧ وغريب القرآن لابن قتيبة فسره بالقصد تفسيره ٣٥٢.
(٢) قاله ابن الجوزي في الزاد ٦ / ٤٢٧ والبغوي في معالم التنزيل ٥ / ٢٧٩.
(٣) هذا قول الفخر الرازي في تفسيره ٢٥ / ٢٣٤.
(٤) وهي رواية ابن أبي طلحة عنه المرجعان السابقان.
(٥) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ١٤ / ٢٥٤.
(٦) البغوي ٥ / ٢٧٩.
(٧) السابق والخازن ٥ / ٢٧٩ وهذا رأي أبي الدرداء السابقان والقرطبي ١٤ / ٢٥٤.
(٨) المراجع السابقة.
(٩) البغوي والخازن ٥ / ٢٧٩.