وأمّا ما ذكروه من المصاهرة التي لا يتعدّى إليها التحريم بالرضاع ، فهي المصاهرة الحاصلة بالرضاع نظير المصاهرة الحاصلة بالنكاح ، كما إذا حصل بجعل مرضعة الولد بمنزلة الزوجة لأبي المرتضع ، وأُمّها بمنزلة أُمّ الزوجة ، وأُختها بمنزلة أُختها ، وهكذا ، فمثلها لا يتعدّى إليه التحريم.
بخلاف المصاهرة في الأول ، فإنّها ليست ناشئة عن الرضاع ، بل عن النكاح الصحيح ، وإنّما الناشئ عن الرضاع هو البنوّة مثلاً ، فلمّا تحقّقت لزم حكم الناشئ عن النكاح ، وهو كون منكوحته حليلة الابن ، وهكذا.
والضابط : تنزيل المنتسب بالرضاع منزلة المنتسب بالنسب ، فيلحقه أحكامه. ولا يتعدّى الحكم إلى ما يناسبها ، بل يراعى نفس الوصف الموجب للتحريم.
إذا تمهّد هذا فاعلم : أنّه ( لو تزوّج رضيعة ، فأرضعتها امرأته ) بلبنه ( حرمتا ) عليه مؤبّداً مطلقاً. وكذا لو أرضعتها بلبن غيره ، كانت في حبالته كما إذا استمرّ لبن الأول إلى أن تزوّجت به أم لا ( إن كان دخل بالمرضِعة ) على الأشهر الأظهر فيهما من تحريم الامّ بمجرّد العقد على البنت ، كما يأتي إن شاء الله تعالى.
وعلى القول الآخر يختصّ التحريم بالرضيعة ؛ لكونها إمّا بنته كما في الأول أو بنت الزوجة المدخول بها ، كما في الثاني.
قيل (١) : وفي بعض المعتبرة دلالة عليه ، كالحسن : في رجل تزوّج جارية صغيرة ، فأرضعتها امرأته وأُمّ ولده ، قال : « تحرم عليه » (٢) ونحوه في
__________________
(١) انظر الكفاية : ١٦٢.
(٢) الكافي ٥ : ٤٤٥ / ٦ ، الوسائل ٢٠ : ٣٩٩ أبواب ما يحرم بالرضاع ب ١٠ ح ٢.