الاثنين ، وأسلم علي (ع) يوم الثّلاثاء ، ثمّ أسلمت خديجة بنت خويلد اُمّ المؤمنين. روى ابن عبد البر في الإستيعاب بسنده عن عفيف الكندي قال : كنت أمرأً تاجراً ، فقدمت الحجّ فأتيت العبّاس بن عبد المطّلب لأبتاع منه بعض التّجارة ، وكان أمرأً تاجراً ، فوالله ، إنّي لَعنده بمنى إذ خرج رجل من خباء قريب منه ، فنظر إلى الشّمس فلمّا رآها قد مالت قام يُصلّي ، ثمّ خرجت امرأة من ذلك الخباء الذي خرج منه ذلك الرّجل فقامت خلفه تُصلّي ، ثمّ خرج غلام حين راهق الحلم من ذلك الخباء فقام معه يُصلّي ، فقلت للعباس : مَن هذا يا عباس؟ قال هذا محمّد بن عبد الله بن عبد المطّلب ابن أخي. قلت مَن هذه المرأة؟ قال : امراته خديجة بنت خويلد. قلت : مَن هذا الفتى؟ قال : علي بن ابي طالب (ع) ابن عمّه. قلت : ما هذا الذي يصنع؟ قال : يُصلّي ، وهو يزعم أنّه نَبيّ ، ولم يتبعه على أمره ألاّ امرأته وابن عمّه هذا الغلام ، وهو يزعم أنّه سيفتح على اُمّته كنوز كسرى وقيصر. قال : فكان عفيف الكندي يقول ـ وقد أسلم بعد ذلك وحسُن اسلامه ـ : لو كان الله رزقني الإسلام يومئذٍ كنت أكون ثانياً مع علي. وما زال علي (ع) مع كونه أوّل مَن آمن برسول الله (ص) وصدّقه ، مُلازماً له باذلاً في نصره مُهجته ، وبسيفه قامت دعائم الإسلام وهُدّت أركان الشّرك ، وحسبُك أنّه في يوم بدر قَتل نصف مَن قُتل من المُشركين ، وقتل الملائكة وسائر المُسلمين الباقي ، وثبت في يوم اُحد بعدما انهزم النّاس عن رسول الله (ص) يذبّ عنه ويُقاتل بين يديه بعدما قتل أصحاب اللواء كلّهم ، وكُلمّا أقبل جماعة من المُشركين إلى رسول الله (ص) ، يقول لعلي (ع) : «احمل عليهم». فيشدّ عليهم بسيفه ويُفرّقهم ويقتل فيهم ، ونادى جبرائيل في ذلك اليوم : (لا سيف إلاّ ذو الفقّار ولا فتى إلاّ علي). وبرز إلى عمرو بن عبد ودّ يوم الخندق فقتله بعدما جبُن عنه النّاس كلّهم ، والنّبي (ص) يدعوهم إلى مُبارزته ، وهم مُطرقون كأنّما على رؤوسهم الطّير ، وفتح حصن خيبر وقتل مرحباً وقلع الباب الذي عجز الجمّ الغفير عن قلعه ؛ ولذلك لمّا قال يزيد لعلي بن الحسين (ع) لمّا اُتي به إلى الشّام بعد قتل أبيه الحسين (ع) : يابن الحسين ، أبوك قطع رحمي وجهل حقّي ونازعني سُلطاني فصنع الله به ما قد رأيت. قال له علي بن الحسين (ع) بعد كلام : «يابن معاوية وهند وصخر ، لقد كان جدّي علي بن ابي طالب في يوم بدر واُحد والأحزاب في يده راية رسول الله (ص) ، وأبوك وجدّك في أيديهما رايات الكُفّار». ثمّ قال علي بن الحسين (ع) : «ويلك يا يزيد! إنّك لو تدري ماذا صنعت وما الذي ارتكبت من أبي وأهل بيتي وأخي وعمومتي ، إذاً لهربت في الجبال وافترشت الرّماد ودعوت بالويل والثّبور ، أنْ يكون رأس أبي الحسين بن فاطمة وعلي منصوباً على باب مدينتكم ، وهو وديعة رسول الله (ص) فيكم؟!».