المجلس الثّامن والعشرون بعد المئة
لمّا أراد رسول الله (ص) الخروج إلى غزاة تبوك خطب النّاس ، فقال بعد حمد الله والثّناء عليه : «أيّها النّاس ، إنّ أصدق الحديث كتاب الله ، وأولى القول كلمة التقوى ، وخير الملل ملّة إبراهيم ، وخير السّنن سنة محمّد ، وأشرف الحديث ذكر الله ، وأحسن القصص هذا القرآن ، وخير الاُمور أوسطها ، وشرّ الاُمور محدثاتها ، وأحسن الهدى هُدى الأنبياء ، وأشرف القتل قتل الشّهداء ، وأعمى العمى الضّلالة بعد الهدى ، وخير الأعمال ما نفع ، وخير الهدى ما اتُّبع ، وشرّ العمى عمى القلب ، واليد العُليا خير من اليد السّفلى ، وما قلّ وكفى خير ممّا كثر وألهى ، وشرّ المعذرة حين يحضر الموت ، وشرّ النّدامة يوم القيامة ، ومن أعظم خطايا اللسان الكذب ، وخير الغنى غنى النّفس ، وخير الزّاد التّقوى ، ورأس الحكمة مخافة الله والتّباعد من عمل الجاهلية ، والسّكر حجر النّار ، والخمر جماع الإثم ، والنّساء حبائل ابليس ، والشّباب شعبة من الجنون ، وشرّ المكاسب كسب الرّبا ، وشرّ المآكل أكل مال اليتيم. والسّعيد مَن وعظ بغيره ، والشّقي مَن شقي في بطن اُمّه ، وإنّما يصير أحدكم إلى موضع أربعة أذرع والأمر إلى آخره. وملاك العمل خواتيمه ، وكل ما هو آت قريب ، وسباب المؤمن فسق ، وقتال المؤمن كفر ، وأكل لحمه من معصية الله ، وحرمة ماله كحرمة دمه ، ومَن توكّل على الله كفاه ، ومَن صبر ظفر ، ومَن يعفُ يعفُ الله عنه ، ومَن كظم الغيظ يأجره الله ، ومَن يصبر على الرّزية يعوّضه الله». سمعتم قول النّبي : «أشرف القتل قتل الشّهداء»؟ وأيّ شهيد أشرف وأفضل من شهيد كربلاء أبي عبد الله الحسين (ع) ، ولد رسول الله وأحد سبطيه وريحانتيه؟ وأيّ قتل أشرف من قتله؟ وهو الذي فدى دين جده بنفسه ، وأعلى منار الإيمان وأظهر فضائح المنافقين ، وهدم ما بناه بنو اُميّة لهدم هذا الدّين ، فكان سيّد الشّهداء وإمام أهل الشّرف والإباء حتّى قضى بسيوف الأعداء مع أهل بيته وأنصاره