يا نفسُ من بعد الحسين هوني |
|
وبعده لا كنتِ أنْ تكوني |
هذا الحسينُ واردُ المنونِ |
|
وتشربين باردَ المعين |
ثُمّ عاد ، فأخذوا عليه الطّريق ، فجعل يضربهم بسيفه وهو يقول :
لا أرهب الموتَ إذا الموت رقى |
|
حتّى اُوارى في المصاليت لُقى |
إنّي أنا العبّاسُ أغدو بالسّقا |
|
ولا أهاب الموتَ يوم الملتقى |
فضربه حكيم بن الطّفيل الطّائي السّنبسي على يمينه فبراها ، فأخذ اللواء بشماله وهو يقول :
واللهِ إنْ قطعتمُ يميني |
|
إنّي اُحامي أبداً عن ديني |
فضربه زيد بن ورقاء الجهني على شماله فبراها ، فضمّ اللواء إلى صدره ـ كما فعل عمّه جعفر ، إذ قطعوا يمينه ويساره في حرب مؤتة فضمّ اللواء إلى صدره ـ وجعل العبّاس يقول :
ألا ترَون معشر الفجّارِ |
|
قد قطعوا ببغيهم يساري |
فحمل عليه رجل تميمي من أبناء ابن بن دارم فضربه بعمود على رأسه ، فخرّ صريعاً إلى الأرض ونادى بأعلى صوته : أدركني يا أخي! فانقضّ عليه أبو عبد الله كالصّقر ، فرآه مقطوع اليمين واليسار ، مرضوخ الجبين ، مشكوك العين بسهم ، مرتثاً بالجراحة ، فوقف عليه منحنياً وجلس عند رأسه يبكي حتّى فاضت نفسه ، ثُمّ حمل على القوم فجعل يضرب فيهم يميناً وشمالاً ، فيفرّون من بين يديه كما تفرّ المعزى إذا شدّ فيها الذّئب ، وهو يقول : «أين تفرّون وقد قتلتم أخي؟ أين تفرّون وقد فتتم في عضدي؟». ثُمّ عاد إلى موقفه منفرداً.
فهنا لكمْ ملك الشّريعة واتّكى |
|
من فوق قائم سيفه فمقامُها |
فأبتْ نقيبتُهُ الزكيّة ريَها |
|
وحشا ابنِ فاطمةٍ يشبُّ ضرامُها |
وكذلكمْ ملأ المزادَ وزمَّها |
|
وانصاعَ يرفلُ بالحديد همامُها |
حسمتْ يديه يدُ القضاء بمبرمٍ |
|
ويدُ القضا لم ينتفض إبرامُها |
واعتاقه شرَكُ الرّدى دون السّرى |
|
إنّ المنايا لا تطيش سهامُها |