بما جرى بعدك على بضعتك الزّهراء وريحانتيك الحسنين أمّا بضعتك الزّهراء فلم تزل بعدك ناحلة الجسم ، معصبة الرّأس ، حزينة كئيبة باكية حتّى تأذّى ببكائها أهل المدينة ، فبنى لها علي (ع) بيتاً في البقيع يُسمّى بيت الأحزان ، فكانت تخرج إليه وتقضي وطرها من البكاء حتّى لحقت بربّها ؛ وأمّا ولدك الحسن (ع) ، فجرّعوه الغصص حتّى جرحوه في فخذه بمعول في ساباط المدائن حينما كان متوجّهاً إلى حرب معاوية ، وكاتبوا عدوّه سرّاً وخلّوه حتّى اضطرّ أنْ يُصالح معاوية ؛ حفظاً لدمه وابقاء على شيعته ، وكانت عاقبة أمره أنْ مات شهيداً بالسّم حتّى تقيّأ كبده قطعة قطعة. وأمّا ولدك الحسين (ع) ، فغصبوه حقّه وأخافوه حتّى خرج من حرمك خائفاً يترقّب إلى حرم الله ، ثُمّ من حرم الله إلى الكوفة ، وجهّز ابن زياد إليه الجيوش بأمر يزيد ، فأحاطوا به ومنعوه التوجّه في بلاد الله العريضة ، ومنعوه من شرب الماء هو وعياله وأطفاله حتّى قتلوه عطشان غريباً وحيداً فريداً لا ناصر له ولا مُعين ، وليتهم اكتفوا بذلك! لا والله ، لم يكتفوا بهذا حتّى أمر ابن سعد ـ تنفيذا لأمر ابن زياد ـ أنْ يُداس بدنه الشّريف بحوافر الخيل ، وحمل رأسه ورؤوس أصحابه على الرّماح وطاف بها في البلدان ، وساق بناتك ونساء أولادك كما تُساق السّبايا من كربلاء إلى الكوفة ، ومن الكوفة إلى يزيد بالشّام.
تتهادى بها النّياقُ بلا حا |
|
مٍ ولا عينُ كافلٍ ترعاهَا |
لابن مرجانة الدّعيِّ وطوراً |
|
لابن هندٍ تُهدى بذلِّ سباهَا |