للسانهِ وسنانهِ |
|
صدقانِ من طعنٍ وقيلِ |
خلطَ البَراعةَ بالشَّجا |
|
عةِ فالصَّليلُ عنْ الدليل |
وتقدّم في بعض المواقف حتّى وقف بإزاء القوم ، فجعل ينظر إلى صفوفهم كأنّهم السّيل ، ونظر إلى ابن سعد واقفاً في صناديد الكوفة ، فخطب فيهم فقال : «الحمد لله الذي خلق الدّنيا فجعلها دار فناء وزوال ، متصرّفة بأهلها حالاً بعد حال ، فالمغرور مَنْ غرّته والشقيّ مَنْ فتنته ، فلا تغرّنكم هذه الدّنيا ؛ فإنّها تقطع رجاء مَنْ ركن إليها وتخيب طمع مَنْ طمع فيها. وأراكم قد اجتمعتم على أمر قد أسخطتم الله فيه عليكم ، وأعرض بوجهه الكريم عنكم ، وأحلّ بكم نقمتة وجنّبكم رحمته ، فنعم الربّ ربّنا وبئس العبيد أنتم! أقررتم بالطّاعة وآمنتم بالرسول محمّد (ص) ، ثمّ إنّكم زحفتم إلى ذريّته وعترته تريدون قتلهم ، لقد استحوذ عليكم الشيطان فأنساكم ذكر الله ، فتبّاً لكم ولِما تُريدون! إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، هؤلاء قوم كفروا بعد إيمانهم ، فبُعداً للقوم الظالمين». فقال ابن سعد : ويلكم كلّموه! فإنّه ابن أبيه. فوالله ، لَو وقف فيكم هكذا يوماً جديداً ، لما انقطع ولما حصر. فتقدّم شمر فقال : يا حسين ، ما هذا الذي تقول؟ أفهمنا حتّى نفهم. فقال : «أقول : اتّقوا الله ربّكم ولا تقتلوني ؛ فإنّه لا يحلّ لكم قتلي ولا انتهاك حرمتي ؛ فإنّي ابن بنت نبيّكم ، وجدّتي خديجة زوجة نبيّكم ، ولعلّه قد بلغكم قول نبيّكم : الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة». ثمّ قال : «فإنْ كنتم في شكّ من هذا ، أفتشكّون في أنّي ابن بنت نبيّكم؟ فوالله ، ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبيّ غيري فيكم ولا في غيركم. ويحكم! أتطلبونني بقتيل منكم قتلتُه أو مال لكم استهلكتُه أو بقصاص من جراحة؟!». فأخذوا لا يكلّمونه ، فنادى : «يا شبث بن ربعي ، ويا حجّار بن أبجر ، ويا قيس بن الأشعث ، ويا يزيد بن الحارث ، ألم تكتبوا إليّ : أنْ قد أينعت الثّمار واخضرّت الجنان ، وإنّما تقدم على جند لك مجنّدة؟». فقال له قيس بن الأشعث : ما ندري ما تقول ، ولكن انزل على حكم بني عمّك فإنّهم لنْ يرَوك إلاّ ما تُحب. فقال الحسين (ع) : «لا والله ، لا اُعطيكم بيدي إعطاء الذّليل ، ولا أقرّ لكم إقرار العبيد».
بأبي أبيّ الضّيمِ لا يُعطيْ العِدى |
|
حذَرَ المنيّةِ منه فضلَ قيادِ |