ما تقول؟ فقال : هذا الرجل حلف بطلاق ابنتي كاذباً ، ثمّ أراد الإقامة معها. فقال له عمر : لعلّه لَمْ يطلّق امرأته ، فكيف حلف؟ قال الشيخ : الذي حلف عليه أبين كذباً من أنْ يختلج في صدري منه شكّ ؛ لأنّه زعم أنّ عليّاً خير هذه الاُمّة ، وإلاّ فامرأته طالق ثلاثاً. فقال للزوج : أهكذا حلفت؟ قال : نعم. فلمّا قال نعم ، كاد المجلس يرتجّ بأهله ، وبنو اُميّة ينظرون إليه شزراً إلاّ أنّهم لمْ ينطقوا بشيء ، كلّ ينظر إلى وجه عمر ، فأكبّ عمر مليّاً ينكت الأرض بيده ، والقوم صامتون ينظرون ما يقوله ، ثمّ رفع رأسه وقال :
إذا وليَ الحكومةَ بينَ قومٍ |
|
أصابَ الحقَّ والتمسَ السَّدادا |
وما خيرُ الأنامِ إذا تعدَّى |
|
خلافَ الحقِّ واجتنبَ الرَّشادا |
ثُمّ قال : ما تقولون في يمين هذا الرجل؟ فسكتوا. فقال : سبحان الله! قولوا؟ فقال رجل من بني اُميّة : هذا حكمٌ في فرج ، ولسنا نجترئ على القول فيه. قال : قلْ ما عندك ؛ فإنّ القول ما لم يحقّ باطلاً أو يبطل حقّاً جائز عليّ في مجلسي. قال : لا أقول شيئاً. فالتفت إلى رجل من ولد عقيل بن أبي طالب ، فقال : ما تقول يا عُقيلي؟ فاغتنمها ، فقال : يا أمير المؤمنين ، إنْ جعلت قولي حكماً وحكمي جائزاً قلت ، وإلاّ فالسكوت أوسع لي وأبقى للمودّة. قال : قلْ وقولك حكم وحكمك ماضٍ. فقال بنو اُميّة : ما أنصفتنا يا أمير المؤمنين ، إذ جعلت الحكم إلى غيرنا ، ونحن من لحمتك واُولي رحمك. فقال عمر : اسكتوا عجزاً ولؤماً ، عرضت ذلك عليكم آنفاً فما انتدبتم له. قالوا : لأنّك لم تعطنا ما أعطيت العقيلي. فقال : إنْ كان أصاب وأخطاتم ، وحزم وعجزتم ، وأبصر وعميتم فما ذنب عمر؟ لا أباً لكم ، أتدرون ما مثلكم؟ قالوا : لا. قال : لكن العقيلي يدري ، ثمّ قال : ما تقول؟ قال : مثلهم كما قال الأوّل :
دُعيتمْ إلى أمرٍ فلمّا عجزتُمُ |
|
تناولَهُ مَن لا يُداخله عجز |
فلمّا رايتم ذاك أبدت نفوسكم |
|
نداماً وهل يغني من الحذر الحرزُ |
فقال عمر : أحسنت وأصبت ، فقل ما سألتك عنه. قال : يا أمير المؤمنين ، برّ قسمه ، ولم تُطلّق امرأته. قال : وأنّى علمت ذلك؟ قال : نشدتك الله يا أمير المؤمنين ، ألم تعلم أنّ رسول الله (ص) قال لفاطمة عليهاالسلام ، وهو عندها في بيتها عائد لها : «يا بُنيّة ، ما علّتُك؟». قالت عليهاالسلام : «الوعك يا أبتاه». ـ وكان علي (ع) غائباً في بعض حوائج النّبي (ص) ـ فقال لها «أتشتهين شيئاً؟». قالت عليهاالسلام : «نعم ، أشتهي عِنباً ، وأنا أعلم أنّه عزيز وليس وقت عنب». فقال