(ص) : «إنّ الله قادر على أنْ يجيئنا به». ثُمّ قال (ص) : «اللهمّ ، ائتنا به مع أفضل اُمّتي عندك منزلة». فطرق علي (ع) الباب ودخل ، ومعه مكتل قد ألقى عليه طرف ردائه ، فقال له النّبي (ص) : «ما هذا يا علي؟». قال : «عنب التمسته لفاطمة». فقال (ص) : «الله أكبر الله أكبر! اللهمّ ، كما سررتني بأنْ خصصت عليّاً بدعوتي ، فاجعل فيه شفاءَ بُنيّتي». ثُمّ قال (ص) : «كُلي على اسم الله يا بُنيّة». فأكلت ، وما أنْ خرج رسول الله (ص) حتّى استلقت وبرئت. فقال عمر : صدقت وبررت ، أشهد لقد سمعته ووعيته. يا رجل ، خُذ بيد امرأتك ؛ فإنْ عرض لك أبوها فاهشم أنفه. ثمّ قال : يا بني عبد مناف ، والله ، ما نجهل ما يعلم غيرنا ، ولا بنا عمىً في ديننا ، ولكن كما قال الأوّل :
تصيَّدتْ الدُّنيا رجالاً بفخِّها |
|
فلمْ يُدركوا خيراً بل استحْقَبوا شَرّا |
وأعماهُمُ حبُّ الغِنى وأصمَّهُمْ |
|
فلمْ يُدركوا إلاّ الخسارةَ والوزْرا |
قال : فكأنّما اُلقم بني اُميّة حجراً ، ومضى الرجل بامرأته. وعمر بن عبد العزيز هو الذي رفع السّب عن مولانا أمير المؤمنين (ع) ، وردّ فدكاً إلى أولاد فاطمة عليهاالسلام ، وقد كان بنو اُميّة جعلوا سبّه فرضاً من الفروض الواجبة ، فكان يُسبّ على جميع منابر الإسلام في أقطار الأرض ، في الأعياد والجماعات حتّى رفعه عمر بن عبد العزيز في زمن خلافته. وفي ذلك يقول الشريف الرضي ـ رضي الله عنه ـ :
يابنَ عبدِ العزْيزِ لو بكتْ العيْ |
|
نُ فتىً من اُميّةَ لبكيتكْ |
أنتَ نزْهتَنا عن السّبِّ والشّتْ |
|
مِ فلو أمكنَ الجزاءُ جزيتُكْ |
وبنو اُميّة قد دخلوا في الإسلام كرهاً ، وبقيت في نفوسهم أحقاد بدر ويوم الفتح ، بما قتله منهم بنو هاشم حين كان جدّهم أبو سفيان يحارب رسول الله (ص) بكلِّ جهد ويكيد الإسلام ما استطاع ، فلمّا كان يوم الفتح ، أظهر الإسلام ليحقن دمه ، وأسرّ النّفاق ، وبقيت أحقاد بدر في نفسه ، ونفوس أبنائه وذرّيّته حتّى أظهرها يزيد يوم جيء إليه باُسارى أهل بيت النّبوّة ، ومعهم رأس الحسين (ع) ورؤوس أصحابه ، وكان يزيد في منظرة على جيرون ، فأنشأ يقول :
لمّا بَدتْ تلكَ الحمولُ وأشرقَتْ |
|
تلكَ الشّموسُ على رُبى جيرونِ |
نَعبَ الغُرابُ فقلتُ صحْ أو لا تَصحْ فلقدْ |
|
قضيْتُ من الغريمِ دُيوني |