يذهب إلى الغائط ، وهو قوله تعالى : (وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مّرَضٌ مّا وَعَدَنَا اللّهُ وَرَسُولُهُ إِلاّ غُرُوراً وَلَمّا رَأَى الْمُؤْمنونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هذَا مَا وَعَدَنَا اللّهُ وَرَسُولُهُ) وأيقنوا بالنّصر : (وما زادهم) ما رأوا من البلاء (إلاّ إيمانا) بالله (وتسليماً) لقضائه. (من الْمُؤْمنينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللّهَ عَلَيْهِ) بأنّهم إذا لقوا حرباً مع رسول الله (ص) ثبتوا وقاتلوا حتّى يُقتلوا أو ينتصروا : (فَمنهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ). عن ابن عبّاس : هو حمزة ومَن قُتل معه : (وَمنهُم مّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدّلُوا تَبْدِيلاً). عن علي (ع) : «فينا نزلت ، وأنا والله ، المنتظر وما بدّلت تبديلاً». ولمّا اشتدّ البلاء ، ورآى النّبي (ص) ضعف قلوب الأكثرين ، بعث إلى عيينة بن حصن ، وإلى الحارث بن عوف ـ وهما قائدا غَطْفان ـ فأعطاهما ثلث ثمار المدينة على أنْ يرجعا بمَن معهما ، وبعث إلى سعد بن معاذ وسعد بن عبادة فأخبرهما ، فقالا : يا رسول الله ، شيء أمرك الله به لا بدّ لنا منه ، أمْ شيء تصنعه لنا؟ فقال (ص) : «بل شيء أصنعه لكم». فقال سعد بن معاذ : قد كنّا نحن وهؤلاء القوم على الِشرك وعبادة الأوثان ، وهم لا يطمعون أنْ يأكلوا منّا ثمرة إلاّ قرى أو بيعاً ، أفحين أكرمنا الله بالإسلام ، وأعزّنا بك وبه نُعطيهم أموالنا؟ والله ، لا نعطيهم إلاّ السّيف حتّى يحكم الله بيننا وبينهم. وأقام المسلمون بضعاً وعشرين ليلة ، وعدوّهم محاصرهم ليس بينهم قتال إلاّ الترامي بالنّبل والحجارة ، وجاءت فوارس من قريش ، منهم : عمرو بن عبد ودّ ، وعكرمة بن أبي جهل ، ونوفل بن عبد الله ، وهبيرة بن أبي وهب المخزوميّان ، وضرار بن الخطاب الفهري ، فأقبلوا تعنق بهم خيلهم حتّى وقفوا على الخندق ، فصاروا إلى مكان ضيّق منه ، فضربوا خيلهم فاقتحمت منه ، فجالت بهم بين الخندق وسلع. قال الطبري وابن هشام وغيرهما : وخرج علي بن أبي طالب (ع) في نفر معهم من المسلمين حتّى أخذ عليهم الثغرة التي أقحموا خيلهم منها ؛ وذلك أنّهم لمّا عبروا الخندق ، بادر علي (ع) فرابط عند الثغرة التي أقحموا خيلهم منها ليمنع مَن يريد عبور الخندق من ذلك المكان ؛ فإنّه لم يكن في الحسبان أنّ المشركين يعبرون الخندق ، فلمّا رأوهم عبروه على حين غفلة ، بادر علي (ع) بمَن معه ليمنعوا غيرهم ، وليقاتلوهم إذا أرادوا الرجوع. وهذه منقبة انفرد بها علي (ع) في هذه الغزاة بمبادرته لحماية الثغرة دون غيره ، حين بدا لهم هذا الأمر الذي لم يكن في الحسبان ، وعلموا أنّ هؤلاء الذين اقتحموا الخندق بخيولهم ، وأقدموا على ما كان يخال أنّه ليس بممكن ، هم من أشجع الشجعان. قال ابن هشام والطبري : وقد كان عمرو بن عبد ودّ قاتل يوم بدر حتّى أثبتته الجراحة ، فلمْ يشهد اُحداً ، فلمّا كان يوم الخندق خرج معلماً ليرى مكانه. قال صاحب السّيرة الحلبيّة : فقال عمرو : مَن يبارز؟ فقام علي ، وقال : «أنا