له يا نبيّ الله» والظاهر ان علياً لما سمع عمراً يطلب المبارزة ترك مكانه من الثغرة التي كان يحرسها وابقى بها بعض اصحابه وجاء الى النبي (ص) فقام بين يديه وقال انا له يا نبي الله فانه لم يكن ليبارزه بغير اذنه ـ فقال النّبي (ص) : «اجلس إنّه عمرو». ثمّ كرر النّداء وجعل يوبّخ المسلمين ، ويقول : أين جنّتكم التي تزعمون أنّ مَن قُتل منكم دخلها؟ أفلا يبرز إليّ رجل؟ وقال :
ولقدْ بُححتُ منَ الندا |
|
بجمعِكُمْ هل منْ مُبارزْ |
إنّي كذلكَ لمْ أزَلْ |
|
مُتسرِّعاً نحو الهزاهزْ |
إنّ الشجاعةَ في الفتَى |
|
والجودَ منْ خيرِ الغرائزْ |
فقام علي (ع) ، وهو مقنع في الحديد ، فقال : «أنا له يا رسول الله». فقال (ص) : «اجلس إنّه عمرو». ثمّ نادى الثالثة ، فقام علي (ع) ، فقال : «أنا له يا رسول الله». فقال (ص) : «إنّه عمرو». فقال (ع) : «وإنْ كان عمراً». فأذنَ له وأعطاه سيفه ذو الفقار ، وألبسه درعه وعمّمه بعمامته ، وقال (ص) : «اللهمّ ، أعنه عليه». فبرز إليه علي ، وهو يقول :
لا تعجلنَّ فقدْ أتا |
|
كَ مُجيبُ صوتِكَ غيرُ عاجزْ |
ذو نيَةٍ وبصيرةٍ والصدقُ |
|
مَنجى كلِّ فائزْ |
إني لأرجُو أنْ اُقيْ |
|
مَ عليكَ نائحةَ الجنائِزْ |
منْ ضربةٍ نجلاءَ يبْ |
|
قَى صيتُها بعد الهزاهزْ |
فقال له عمرو : مَن أنت؟ قال (ع) : «أنا علي». قال : ابن مَن؟ قال (ع) : «ابن عبد مناف ، أنا علي بن أبي طالب». فقال : غيرك يابن أخي من أعمامك مَن هو أشدّ منك فانصرف ؛ فإنّي أكره أنْ أهريقَ دمك ؛ فإنّ أباك كان لي صديقاً وكنتُ له نديماً فقال علي (ع) : «لكنّي والله ، ما أكره أنْ أهريق دمك». وقال له علي (ع) : «إنّك كنت تقول : لا يدعوني أحد إلى واحدة من ثلاث إلاّ قبلتها». قال : أجل. فدعاه إلى الإسلام ، فقال : أخّر عنّي هذه. قال (ع) : «واُخرى ترجع إلى بلادك ، فإنْ يكُ محمّد صادقاً كنت أسعد النّاس به ، وإنْ يكُ كاذباً كان الذي تريد». قال : هذا ما لا تتحدث به نساء قريش أبداً ، كيف وقد قدرت على استيفاء ما نذرت؟ ـ فإنّه نذرَ لمّا أفلت هارباً يوم بدر وقد جُرح ، أنْ لا يمسّ رأسه دهناً حتّى يقتل محمّداً ـ قال : فالثالثة؟ قال (ع) : «البراز». قال : هذه خصلة ما كنت أظنّ أنّ أحداً من العرب يخوّفني بها ، ولِمَ يابن أخي؟ فوالله ، ما اُحبّ أنْ أقتلك. فقال