وبالغ الدِّين الإسلامي في حفظ الأمن ، والمحافظة على الأموال والدماء وشدّد فيه ، وفرضَ العقوبات الشديدة على مخالفيه : (إِنّمَا جَزَاءُ الّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتّلُوا أَوْ يُصَلّبُوا أَوْ تُقَطّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم من خِلاَفٍ أَوْ يُنفَوْا من الأَرْضِ) وأمر بقطع يد السّارق ، وبقتل القاتل عمداً ، وتغريم الدّية في الخطأ ، و(أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ). (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا اُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلّكُمْ تَتّقُونَ)
واعتنى الدِّين الإسلامي بحفظ الصحة عنايةً فائقة ، فجعل النّظافة من الإيمان ، وأمر بقصّ الأظافر والشوارب وتسريح الشعر ، والوضوء عند كلّ صلاة ، وغسل الثياب والبدن والأواني من النّجاسة والقذارة ، ورخّص في ترك كلّ عبادة يُخاف منها الإضرار بالصحة ، وحرّم تناول كلَّ طعام أو شراب يضرّ بالصحة ، وحرّم الزيادة في الأكل على الشبع. وقال النّبي (ص) «المعدةُ بيت الداء ، والحميّة رأس الدواء». وأمر أنْ لا يجلس الإنسان على الطعام إلاّ وهو يشتهيه ، وأنْ يقوم عنه وهو يشتهيه. وقال الله تعالى (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا) فجمع بذلك أساس علم الطبِّ وحفظ الصحة وأهمّ اُموره.
وأوجب الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر ، وأمرَ بالصدق وأداء الأمانة والوفاء بالعهد ، وصلة الأرحام وحسن الجوار ، وبرّ الوالدين ، وأنْ يحبّ المرء لأخيه ما يُحبّ لنفسه ، ومعاونة الضعيف وحفظ مال اليتيم ، والرأفة والحنوِّ على السّائل.
ومن أحكام الشرع الإسلامي وأوامره في حفظ الحقوق والأموال : الأمر بكتابة الدَّين والإشهاد عليه ، وأخذ الرهن إنْ لمْ تكن الكتابة ، وسنَّ قانون كاتب العدل الذي اتّبعت فيه جميع دول الأرض قانون الإسلام : (يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوْا إِذَا تَدَايَنْتُم بِدَيْنٍ إِلَى اََجَلٍ مُسَمّىً فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ ... وَاسْتَشْهِدُوا شَاهِدَيْنِ ... وَلاَ تَسْأَمُوا أَن تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلَى أَجَلِهِ * وَإِن كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِباً فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ).
وحرّم الدِّين الإسلام كلَّ ما فيه مفسدة ومضرّة ؛ فحرّم الرِّبا والزِّنا والفواحش ، وشرب الخمر وكلَّ مسكر والقمار ، والغيبة والنّميمة ، والحسد والكذب إلاّ في الإصلاح ورفع الضرر ، وكتمان الشهادة والسّرقة ، وقتل النّفس وقطع الطريق ، والغشّ والخيانة ، والفتنة والبغي ، والرشا وخلف العهد ، والإسراف وتضييع المال وأكل المال بالباطل ، ونهى عن التنازع والتنابز بالألقاب ، وبخس المكيال والميزان. فكم ترى من المفاسد