في الرِّبا بذهاب الثروات! وفي الزِّنا من اختلاط الأنساب وفساد نظام العائلة وتفشِّي الأمراض المُهلكة! وفي شرب الخمر من زوال العقل وصيرورة المرء اُضحوكة ، ووصوله إلى أقصى دركات المهانة والسّفالة ، ومن هلاك النّفوس وتلف الأموال ، والإضرار بالبدن والنّسل حتّى أنّ دولة أميركا حرّمته بعد مضي أكثر من ألف وثلاثمئة سنة من تحريم الإسلام! وفي القمار من تلف الأموال وهياج الشرّ! وفي الغيبة والنّميمة من حصول العداوات والفتن ، والإخلال بالمجتمع البشري.
ولمْ يكتفِ الشرع الإسلامي في جملةٍ من المُحرّمات بالنّهي والتحريم والعقاب في الآخرة حتّى فرض عليها التأديب والعقوبة في الدنيا ؛ فأوجب الحدَّ على الزاني بالضرب أو الرجم ، وعلى شارب الخمر بالضرب ، وعلى السّارق بقطع اليد ، وعلى مخالف العهد واليمين بغرامة ماليّة ، وفرض العقوبات التأديبيّة غير المحدودة في شتّى المواضع ، وأباح كلَّ لذَّة وزينة وتنعّم في الدُّنيا لا تخلّ بالآداب ، ولا تضرّ بالمجتمع الإنساني.
واعتنى الشرع الإسلامي بالمرأة عنايةً كبيرةً حتّى نزلت في القرآن الكريم سورة أكثرها في الوصاية بالنّساء والعناية باُمورهنّ ؛ فسُمّيت : سورة النّساء. وأوجب على الزوج القيام بكلِّ ما تحتاج إليه الزوجة من إسكانٍ وإخدام ، وكسوةٍ وطعام ، وجعل نفقتها مقدّمةً على نفقة أبويه ، العظيمُ حقُّهما عليه ، وعلى نفقة أولاده ، وأوجب معاشرتها بالمعروف : (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ). وأبطل العادات الجائرة التي سنّتها الجاهليّة في حقّ النّساء ؛ فكان الرجل إذا زوّج أمةً أخذ صداقها دونها ، وكانوا لا يورّثون المرأة. وأكدّ النّبي (ص) الوصاية بالمرأة في مواضع كثيرة.
ولم يضيِّقْ الدِّين الإسلامي على المرأة فيما يجلب ترويح النّفس ، مع مراعاة الحشمة والآداب ، والبعد عمّا يوجب الظنّة والارتياب ، وعدم الاختلاط بالأجانب ومجانبة ما يوقع في الفساد. فالإسلام قد أكرم المرأة كرامةً ليس عليها من مزيد ، وصانها الصيانة التي تليق بكرامتها. أمّا الذين يدعون إلى السّفور وهتك الحجاب ، واختلاط الرجال بالنّساء ، فهم الذين يُريدون أنْ لا يكون بين بني آدم وحوّاء وبين البهائم فرق ، والذين يُريدون أنْ يتّخذوا لأنفسهم طريقاً سهلةً ، ووسيلةً قريبةً لقضاء شهواتهم والوصول إلى لذّاتهم. فأيّ أحكام عباديّة واجتماعيّة ، وسياسيّة وأخلاقيّة أسمى وأرقى ، وأنفع وأجمع ، وأصلح وأنجع ، وأسهل وأعدل ، وأنزه وأرفه وأقرب إلى تهذيب الأخلاق وسعادة البشر وهناء العيش من هذه الأحكام؟ أمْ أيّ أحكام تُدانيها في جميع الشرائع والأديان.