الممدوح دونك. وكان قسٌّ لا يستودع دينه أحداً.
وروى ابن عيّاش في مقتضب الأثر ، بسنده عن الجارود بن المنذر العبدي ، قال : وفدتُ على رسول الله (ص) في رجال من عبد القيس ، فأقبل علينا النّبيُّ (ص) ، وقال : «أفيكم مَن يعرف قسَّ بن ساعدة الأيادي؟». قُلتُ : يا رسول الله ، كُلّنا نعرفه ، غير أنّي من بينهم عارف بخبره واقف على أثره ، وهو القائل بسوق عُكاظ : شرقٌ وغرب ، ويابسٌ ورطب ، وأجاجٌ وعذب ، وحبٌّ ونبات ، وجمعٌ وأشتات ، وذهابٌ وممات ، وآباء واُمّهات ، وسرورُ مولودٍ ورزءُ مفقود. بؤساً لأرباب الغفلة! ليُصلحنَّ العامل عمله قبل أنْ يفقد أجله. ثمّ أنشأ يقول :
ذَكَّرَ القلبَ منْ جَواهُ ادّكارُ |
|
وليالٍ خلا لهُنَّ نهارُ |
وشموشٌ منْ تحتِها قمرُ اللّيْ |
|
لِ وكلُّ متابعٍ موَّارُ |
وجبالٌ شَوامخٌ راسياتٌ |
|
وبحارٌ مياههُنَّ غِزارُ |
وصغيرٌ وأشمطٌ ورضيعٌ |
|
كلُّهُمْ في الصَّعيدِ يوماً بوارُ |
كلُّ هذا هو الدَّليلُ على الل |
|
هِ ففيهِ لنا هُدىً واعتبارُ |
ثمّ صاح قسٌّ ، فقال : يا معشر إياد ، أين ثمود ، وأين عاد؟ وأين الآباء والأجداد؟ فويلٌ لمَنْ صدف عن الحقّ الأشهر ، وكذّب بيوم المحشر! ثمّ آب يُكفكف دمعه ، وهو يقول :
أقسمَ قسٌّ قسما |
|
ليسَ بهِ مُكتتمَا |
لو عاشَ ألفَي سنةٍ |
|
لمْ يلقَ منها سَأمَا |
حتَّى يُلاقي أحمَداً |
|
والنُّقباءَ الحُكمَا |
هُمْ أوصياءُ أحمدٍ |
|
أكرمَ مَنْ تحتَ السَّمَا |
يَعمَى العبادُ عنهُمُ |
|
وهُمْ جلاءٌ للعَمَى |
وهُمْ جلاءٌ للعَمَى |
|
حتّى أحلَّ الرَّجمَا |
لقد صدق قسٌّ في قوله :
يَعمَى العبادُ عنهُمُ |
|
وهُمْ جلاءٌ للعَمَى |
فقد عمي العباد عن أهل البيت عليهمالسلام ولم يعرفوا حقّهم ، وأخروهم عن مقامهم وهم أحد الثّقلين اللذين لا يضلّ المتمسك بهما ، ومثل باب حطّةٍ الذي مَن