بتكفينه ودفنه ، وأمر النّاس أن يُعزُّوه به ، وأنشأ يقول :
ما شيخُ قومٍ كرامٍ ذو محافَظةٍ |
|
إلاّ أتانا يُعزِّي في أبي قيسِ |
لا يُبعدُ اللهُ قبراً أنتَ ساكنُهُ |
|
فيه جمالٌ وفيه لحيةُ التَّيسِ |
وأي زمان أسوأ من زمانٍ قدّم يزيد ـ الذي هذه بعض صفاته وقبائحه ، فضلاً من مجاهرته بالكفر والإلحاد ـ على سبط الرّسول (ص) ، ونجل الزّهراء البتول عليهاالسلام ، أحد السّبطين والرّيحانتين ، سيّد المسلمين في عصره ، مَن حاز من جميع الصّفات أفضلها وأعلاها ، وأكملها وأسناها ، الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) حتّى مكّن منه جيش يزيد بن معاوية ـ جيش الضّلال والفساد ، والكفر والإلحاد ـ فقتله عطشان ظامياً ، وحيداً فريداً غريباً ، وقتل جميع أنصاره وأهل بيته ، وساق حَرمَه كالسّبايا ، وطاف برأسه ورؤوس أهل بيته في البُلدان ، فحقّ لنا أن نقول :
قلتُ ما ترتجيهِ من دهرِ سوءٍ |
|
يرتضي عنْ حُسينهِ بيزيدِ |
بنديمِ الشَّرابِ والعودِ والنَّرْ دِ |
|
وربِّ القرودِ ربِّ الفهودِ |
وهو اختارَ قبل ذاكَ سفاهاً |
|
عنْ عليٍّ سليلَ هنْدِ الهنودِ |
لم تُصدِّقْ اُميّةُ بالنَّبيِّ المُصْطفى |
|
وهيَ لمْ تَزلْ في جحودِ |
أظهرتْ سِلمَها نفاقاً وخوفاً |
|
منْ سيوفٍ تجْتَثَّ حبلَ الوريد |
كان أبو سفيان أعدى النّاس لرسول الله (ص) ، وقد قاد الجيوش لحربه يوم اُحد ويوم الخندق ، وأسلم يوم الفتح كارهاً هو وولده ، حتّى أنّه لمّا أجاره العبّاس يوم الفتح ، وأركبه خلفه على بغلة رسول الله (ص) ، وقال له النّبي (ص) : «ألم يأنَ لك أنْ تعلم أنّي رسول الله؟!». قال : أمّا هذه ففي النّفس منها شيء. فقال له العبّاس : ويحك! أسلم قبل أنْ تُقتل. فأظهر الإسلام خوفاً على خيط رقبته. ولمّا بويع الخليفة الثّالث ، قال : تلقَّفوها يا بني اُميّة ؛ فوالله ، ما من جنّة ولا نار. ووقف على قبر حمزة فرفسه برجله ، وقال : يا أبا عمارة ، إنّ الذي تقاتلنا عليه يوم بدر قد صار في أيدي صبياننا.
قَتلَتْ حمزةَ لدَى يومِ اُحدٍ |
|
أسدَ اللهِ خيرَ ميتٍ شهيدِ |
وبهِ مثَّلتْ عِناداً وبغياً |
|
وشفتْ غيظَها بأكلِ الكُبودِ |
كان حمزة بن عبد المطّلب ـ عمّ رسول الله (ص) ـ من أشجع بني هاشم ، وكان