ناصرَ رسول الله (ص) ، والمحامي عنه في المشاهد التي شهدها يوم بدر واُحد ، وكان يُلقّب : أسد الله وأسد رسوله. وهو الذي برز مع ابن أخيه علي بن أبي طالب (ع) ، وابن عمّه عبيدة بن الحارث بن المطّلب يوم بدر لمبارزة عتبة بن ربيعة ، وأخيه شيبة ، وابنه الوليد بن عتبة حين طلبوا أكفاءهم من قريش ؛ فقتل حمزة عتبة وأعانه على قتله علي (ع) ، وقتل علي (ع) الوليد ، وضرب عبيدة رأس شيبة ففلقه ، وكرّ حمزة وعلي عليهماالسلام على شيبة فأجهزا عليه. ولمّا اُخّر علي (ع) عن مقامه ، كان يقول : «وا حمزتاه! ولا حمزة لي اليوم».
ولمّا كان يوم اُحد ، جعلت هند بنت عتبة ـ زوجة أبي سفيان ـ لوحشي جعلاً إنْ قتل أحد الثّلاثة : رسول الله أو حمزة أو عليّاً ، فقال : أمّا محمَّد فلا حيلة لي فيه ؛ لأنّ أصحابه يطيفون به ؛ وأمّا علي فلأنّه أحذر من الذّئب ؛ وأمّا حمزة فإنّي أطمع فيه ؛ لأنّه إذا غضب لم يُبصر بين يديه. وكان حمزة قد أعلم بريشة نعامٍ في صدره ، وهو يهدّ النّاس بسيفه ، ما يلقى أحداً يمرّ به إلاّ قتله ، فرماه وحشيٌّ بحربةٍ غيلة فقتله. ومثّلت هند بحمزة ؛ فبقرت عن كبده فلاكتها ، فلم تستطع أنْ تسيغها فلفظتها. وصارت تُلقّب بآكلة الأكباد ، وصار وَلدها يُعيِّرونه بذلك ، وجدعت أنف حمزة وأذنيه.
ثُمَّ عادتْ فأظهَرتْ ما أجنَّتْ |
|
مُذْ غدا المُصطفَى رهينَ اللِّحودِ |
يومَ صفِّينَ يومَ بدْرٍ واُحد |
|
وعليهِ ما فيها من مَزيدِ |
لعَنتْ حيدراً على مِنبرِ الْ |
|
إسلامِ في كلِّ مجمعٍ مشهودِ |
وهي في لعْنِها تُكنِّي وتعنِي |
|
خاتمَ الأنبْياءِ فخْرَ الوُجودِ |
فغدتْ للحضيضِ تهْوي صغاراً |
|
أبداً وهو لمْ يزلْ في صُعودِ |
ما صَعدتُمْ منْ ذي المنابرِ لولا |
|
سيفُهُ يا اُميّة فوقَ عُود |
لمّا توفّي النّبي (ص) ، وجد بنو اُميّة سبيلاً إلى الانتقام من الإسلام ومن نبيّ الإسلام وسائر بني هاشم ، فاجتهدوا جهدهم في ذلك ، وحاربوا الإسلام ووصيَّ النّبيِّ رسول الإسلام بسيف الإسلام ، وتحت لواء الإسلام ، فنابذ صاحب الشّام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) وفرّق كلمة المسلمين ، وجيّش الجيوش عليه يوم صفّين ؛ مظهراً للطلب بدمّ الخليفة الثّالث. وصاحب الشّام هو الذي خذله لمّا استنصره ، وكان يعلم براءة علي (ع) من ذلك براءة الذّئب من دمِ يوسف. فكما حارب بنو اُميّة الإسلام يوم بدر واُحد تحت راية الكفر ، وحاربوا الإسلام يوم صفّين تحت راية الإسلام ، وهذا معنى قوله :