مشت الأبناء ، وإنّ العصا من العُصيّة (١) ولا تلد الحيّةُ إلاّ حيَّة.
بَنى لَهُمُ الماضونَ آساسَ هَذِهِ |
|
فَعَلّوا عَلى آساسِ تِلكَ القَواعِدِ |
ودعا مسرف النّاس إلى البيعة ليزيد على أنّهم عبيد له ، يحكم في دمائهم وأموالهم وأهليهم ما شاء ؛ إنْ شاء وهب ، وإنْ شاء أعتق ، وإن ْشاء استرقّ ، ومَن امتنع من ذلك قتَله ، فامتنع جماعةٌ فقُتلوا. وجاء مروان بعليِّ بن الحسين (ع) يمشي بينه وبين ابنه عبد الملك حتّى جلس بينهما ، فدعا مروان بشراب ليتحرّم بذلك فشرب منه ، ثمّ ناوله عليَّ بن الحسين (ع) ، فقال له مسلم : لا تشرب من شرابنا. فامتنع ، فقال مسلم : جئتَ تمشي بينهما لتأمن عندي؟ والله ، لو كان إليهما أمر لقتلتُك ، ولكن أمير المؤمنين أوصاني بك وأخبرني أنّك كاتبته ، فإنْ شئت فاشرب. فشرب ، ثمّ أجلسه معه على السّرير ، ثمّ قال له : لعلّ أهلك فزعوا؟ قال (ع) : «إي والله». فأمر بدابة فاُسرجت له وردَّهُ ، ولم يلزمه بالبيعة ليزيد كما شرط على أهل المدينة ، بل بايعه على أنّه أخوه وابنُ عمّه. هذا مسلم بن عقبة مع كفره وطغيانه وتجبره ، قال لعلي بن الحسين (ع) : لعلّ أهلك فزعوا. وشمر بن ذي الجوشن حمل يوم كربلاء حتّى بلغ فسطاط الحسين (ع) ، فطعنه بالرّمح ، ونادى : عليّ بالنّار حتّى أحرق هذا البيت على أهله. فأفزع مُخدَّرات بيت النّبوّة وأخافهن ، فصاحت النّساء وخرجن ، وصاح به الحسين (ع) : «أنت تحرق بيتي على أهلي؟! أحرقك الله بالنّار». فقال حميد بن مسلم : أتقتل الولدان والنّساء؟! والله ، إنّ في قتل الرّجال لَما يرضى به أميرك. فلم يقبل ، فأتاه شبث بن ربعي ، فقال : أفزعنا النّساء ثكلتك اُمّك! فاستحيا وانصرف.
يا اُمّةً وليَ الشَّيطانُ رايتَها |
|
ومكَّنَ البغيّ منها كلَّ تمكينِ |
ما المُرتضى وبنُوه منْ مُعاويةٍ |
|
ولا الفواطمُ منْ هندٍ وميسونِ |
ولمّا فرغ مسرف من وقعة الحرّة ، بعث برؤوس أهل المدينة إلى يزيد ، وكتب إليه يخبره بما صنع ، فلمّا اُلقيت الرؤوس بين يديه ، قال :
ليتَ أشياخي ببدرٍ شَهدوا |
|
جزعَ الخزْرجِ منْ وقعِ الأسلْ |
لأهلُّوا واستهلُّوا فَرحاً |
|
ثُمَّ قالوا يا يزيدُ لا تشلْ |
____________________
(١) العصا : فرس جُذيمة الأبرش. والعُصيّة ، بصيغة التّصغير : اُمّها. مثل يُضرب للشيء يُشبه أصله.