المجلس الثّالث والخمسون بعد المئتين
قال ابن الأثير : كان المتوكّل شديد البغض لعلي بن أبي طالب (ع) ولأهل بيته ، وكان يقصد مَن كان يبلغه عنه أنّه يتولّى عليّاً وأهله عليهمالسلام بأخذ المال والدّم ، وكان يُبغض مَن تقدَّمه من الخلفاء ـ المأمون والمعتصم والواثق ـ في محبتهم لعلي وأهل بيته عليهمالسلام ، وإنّما كان ينادمه ويجالسه جماعةٌ قد اشتهروا بالنّصب والبغض لعليٍّ (ع). وكان من جماعة ندمائه عبادة المخنّث ، وكان يشدُّ على بطنه تحت ثيابه مخدّة ، ويكشف رأسه ـ وهو أصلع ـ ويرقص بين يدي المتوكّل ، والمُغنُّون يُغنّون :
قد أقبلَ الأصلعُ البطينْ |
|
خليفةُ المُسلمينْ! |
يحكي بذلك عليّاً (ع) والمتوكّل يشرب ويضحك ، ففعل ذلك يوماً والمُنتصر ولده حاضر ، فأومأ إلى عبادة يتهدده ، فسكت خوفاً منه ، فقال المتوكّل : ما حالك؟ فقام وأخبره ، فقال المُنتصر : يا أمير المؤمنين ، إنّ الذي يحكيه هذا الكلب ويضحك منه النّاس ، هو ابن عمِّك وشيخُ أهل بيتك وبه فخرك ، فكُلْ أنت لحمَه إذا شئت ، ولا تُطعم هذا الكلبَ وأمثاله منه. فقال المتوكّل للمغنِّين :غنّوا جميعاً :
غارَ الفتَى لابنِ عمّه. |
|
في كلام آخر قبيح. |
فكان هذا من جملة الأسباب التي استحلّ بها المنتصر قتلَ المتوكّل. من شدّة بغض المتوكّل لعلي وأهل بيته عليهمالسلام ؛ أنْ أمر بهدم قبر الحسين (ع) وهدم ما حوله من المنازل والدور ، وأنْ يُبذر ويُسقى موضع قبره ، وأنْ يمنع النّاس من إتيانه ، فنادى بالنّاس في تلك النّاحية : مَن وجدناه عند قبره بعد ثلاثة حبسناه في المطبق. فهرب النّاس