نساءه من بلد إلى بلد ، وأتوا بعلي بن الحسين زين العابدين (ع) ـ وهو عليل ـ مُقيَّداً مُغلّلاً حتّى أدخلوه على يزيد. ومع ذلك ، لمّا طرد أهل المدينة بني اُميّة منها في أيّام يزيد ؛ لِما رأوا من قبح أفعال يزيد وكفره وطغيانه ، وفي جملة المطرودين مروان بن الحكم ، عرض مروان على جماعة من أهل المدينة أنْ يجعل أهله وعياله عندهم فأبوا ، فعرض ذلك على علي بن الحسين (ع) فأجابه إليه ، وجعل عيال مروان مع عياله وحماهم وأكرمهم ، ولكنْ الطّينة الاُمويّة أبت أنْ تُقابل الإحسان إلاّ بالإساءة ، كما قال الشّاعر :
ومَنْ يصنعُ المعروفَ مَعْ غيرِ أهلِهِ |
|
يُجازَى كما جُوزي مُجيرُ اُمِّ عامرِ |
وقال الآخر :
ملكنَا فكان العفوُ منَّا سجيَّة |
|
فلمّا ملكتُمْ سالَ بالدَّمِ أبطحُ |
وحَلَّلْتُمُ قتلَ الأسارَى وطالَما |
|
غَدوْنا عن الأسْرى نَعفُّ ونصفَحُ |
فحسْبُكُمُ هذا التَّفاوتُ بيْنَنا |
|
وكلُّ إِناءٍ بالذي فيهِ يَنْضَحُ |
فجازى بنو مروان زين العابدين (ع) على إحسانه هذا ؛ بأنْ جفوا ولده زيد الشّهيد واهتضموه حتّى ظهر بالكوفة فقُتل ، فنبشوه وصلبوه عارياً على جذعٍ بالكوفة أربع سنين ، ثمّ أنزلوه وأحرقوه. لبئسما جزوا رسول الله (ص) في آله وذرّيّته! ولبئسما جزته اُمّة تواليهم:
فلا بلَّ أجداثاً لآلِ اُميَّةٍ |
|
سُقيتْ ولا صَوبُ الغمامِ أصابَها |
ليس هذا لرسولِ اللهِ يا |
|
اُمّةَ الطُّغيانِ والبغي جزَا |