خرجين مملوءين صحفاً فنثرت بين يديه ، فقال له الحُرّ : إنّا لسنا من هؤلاء الذين كتبوا إليك ، وقد اُمرنا إذا نحن لقيناك ، لا نفارقك حتّى نقدمك الكوفة على عبيد الله. فقال له الحسين (ع) : «الموت أدنى إليك من ذلك». ثمّ قال لأصحابه : «قوموا فاركبوا». فركبوا وانتظر هو حتّى ركبت نساؤه.
بأبي أنت وأمي يا أبا عبد الله! لمْ ترضَ أنْ تركب ولا أنْ تسير قدماً واحداً قبل ركوب النّساء ، مع أنّ الذين يركبونهنّ مثل علي الأكبر والعبّاس بن أمير المؤمنين وسائر بني هاشم! فياليتك لا غبت عن نسائك وأخواتك وبناتك يوم الحادي عشر من المحرّم حين جاؤوا إليهنّ بالجمال ، وليس معهنّ ولي ولا كافل غير ولدك زين العابدين (ع) ـ وهو مريض لا يستطيع النّهوض ـ وابن أخيك الحسن بن الحسن الذي كان مثخناً بالجراح وأطفال صغار ، وأظنّ أنّ المتولّية لذلك كانت اُختك زينب ، فهي التي ركّبت العليل والجريح والنّساء والأطفال ، وقامت في ذلك مقام الرجال حتّى لم يبقَ مَن يُركبها ، فركبت بنفسها.
لمَنْ السّبايا المُعْجلاتُ ضَجرنّ منْ |
|
إدلاجِ عُجفٍ تشتكي عثراتِها |
اللهُ أكبرُ يا لهَا منْ وقْعَةٍ |
|
ذابتْ لها الأحشاءُ في حُرُقاتِها |