وكقراءة «يدرككم» (١) بالرفع (٢) ، أو على التقديم وهو مذهب سيبويه (٣).
قوله : (أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً) قال أبو البقاء عدّاه بنفسه لأنه بمعنى «جعل» وقد صرحّ به في قوله (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً)(٤) [العنكبوت : ٦٧] و «مكّن» متعد بنفسه من غير أن يضمّن معنى «جعل» كقوله «مكّنّاهم» (٥) ، وتقدم تحقيقه في الأنعام وآمنا قيل بمعنى مؤمن أي : يؤمن من دخله (٦) ، وقيل : هو على حذف مضاف ، أي : آمنا أهله ، وقيل فاعل بمعنى النسب أي ، ذا أمن (٧).
قوله : «يجبى» قرأ نافع بتاء التأنيث مراعاة للفظ ثمرات ، والباقون بالياء (٨) للفصل ولأن تأنيثه مجازي والجملة صفة ل «حرما» أيضا (٩) ، وقرأ العامة. «ثمرات» بفتحتين (١٠) وأبان بضمتين (١١) جمع ثمر بضمتين ، وبعضهم بفتح وسكون (١٢).
قوله : «رزقا» إن جعلته مصدرا جاز انتصابه على المصدر المؤكّد ، لأن معنى (يُجْبى إِلَيْهِ) يرزقهم وأن ينتصب على المفعول له (١٣) ، والعامل محذوف ، أي يسوقه (١٤) إليه رزقا ، وأن يكون في موضع الحال من «ثمرات» لتخصصها بالإضافة ، (كما ينتصب عن النكرة المخصصة) (١٥) ، وإن جعلته اسما للمرزوق (١٦) انتصب على الحال من
__________________
ـ وتقدم تخريجه. والشاهد فيه هنا قوله : (الله يشكرها) حيث حذفت الفاء من جواب الشرط للضرورة ، والأصل : فالله يشكرها.
(١) في النسختين : يدركّم. من قوله تعالى :«أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ»[النساء : ٧٨].
(٢) وهي قراءة طلحة بن حسان. المختصر (٢٧).
(٣) قال سيبويه : (وسألته عن قوله : «إن تأتني أنا كريم» ، فقال : لا يكون هذا إلا أن يضطر شاعر ، من قبل أنا كريم يكون كلاما مبتدأ ، والفاء وإذا لا يكونان إلا متعلقين بما قبلهما فكرهوا أن يكون هذا جوابا حيث لم يشبه الفاء) الكتاب ٣ / ٦٤ ، وقال : (... فإن قلت : إن تأتني زيد يقل ذاك ، جاز على قول من قال : زيدا ضربته ، وهذا موضع ابتداء ، ألا ترى أنك لو جئت بالفاء فقلت : إن تأتني فأنا خير لك ، كان حسنا ، وإن لم يحمله على ذلك رفع وجاز في الشعر كقوله : الله يشكرها) الكتاب ٣ / ١١٤.
(٤) [العنكبوت : ٦٧]. وانظر التبيان ٢ / ١٠٢٤.
(٥) من قوله تعالى : «أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ» [الأنعام : ٦].
(٦) انظر معاني القرآن للفراء ٢ / ٣٠٨ ، التبيان ٢ / ١٠٢٤.
(٧) انظر التبيان ٢ / ١٠٢٤ ، القرطبي ١٣ / ٣٠.
(٨) السبعة (٤٩٥) ، الكشف ٢ / ١٧٥ ، النشر ٢ / ٣٤٢ ، الإتحاف ٣٤٣.
(٩) أيضا : سقط من ب.
(١٠) في الأصل : بالفتحتين.
(١١) المختصر (١١٣) ، المحتسب ٢ / ١٥٣ ، البحر المحيط ٧ / ١٢٦.
(١٢) «ثمرات» المختصر (١١٣) ، البحر المحيط ٧ / ١٢٦ ، ولم تعز إلى قارىء معين.
(١٣) له : سقط من ب.
(١٤) في ب : يسوق.
(١٥) ما بين القوسين سقط من ب.
(١٦) في : للمرزق.