بينهما تعارض العموم والخصوص مطلقاً ، فيتعيّن المصير إلى التخصيص ، لا إلى الحمل المتقدّم ، مع عدم الداعي إليه.
ثم إن قلنا بالمثل مطلقاً ، أو حيث أوجبناه ، فهل المراد به مهر المثل لتلك المدّة ، أو مهر المثل للنكاح الدائم؟ قولان :
من أنّ عوض بضع الموطوءة شبهةً هو الثاني جدّاً ، ولذا لو وُطِئت هذه المنكوحة بالعقد الفاسد بدونه شبهةً لزمه ذلك قطعاً ، والعقد الفاسد كالعدم جدّاً.
ومن أنّ الشبهة إنّما هي للعقد المخصوص ، فيجب مهر المثل به.
وضعفه يظهر بما قرّرنا ، فإذاً الثاني أقوى.
ولو قيل بلزوم أقلّ الأمرين تمسّكاً بأصالة البراءة عن الزائد لم يكن بعيداً ؛ التفاتاً إلى عدم دليل على ثبوت مهر المثل للدائم للموطوءة شبهة مطلقاً ، حتى في المقام ؛ إذ ليس إلاّ الإجماع ، وليس ؛ للخلاف ، أو عدم خلوّ البضع عن العوض ، وهو يحصل بأقلّ الأمرين جدّاً ، فلا مخصّص لأصالة البراءة هنا ، فتأمّل.
وهنا قول رابع في أصل المسألة ، نافٍ للمهر مطلقاً مع علمها كما في الأقوال السابقة موجبٌ مع جهلها للأقلّ من المثل أو المسمّى ؛ لموافقة الأصل المتقدّم (١) مع أقلّية المثل عن المسمّى ، وإقدامها بالأقلّ مع العكس (٢).
ويضعّف بوقوعه على وجه مخصوص وهو كونها زوجة لا مطلقاً ، فلا يلزم الإقدام والرضاء بالمسمّى على غيره قطعاً.
__________________
(١) وهو كون المثل عوض البضع حيث تبيّن فساد العقد. منه رحمهالله.
(٢) أي كون المسمّى أقلّ من المثل. منه رحمهالله.