أيضاً ، كإباحة النظر إلى الأُمور المسلّمة ، مع كونها بالإجماع من العورة ، فلا تلازم بين العورة وحرمة النظر لجميع الأشخاص بالكلّية ، بل تلازمها في الجملة. ولا ينافي ذلك صدق العورة عليها ؛ لاحتمال كونه بالنظر إلى غير المحارم.
وربما خُصّت الإباحة بالمحاسن خاصّة ، وهي مواضع الزينة ؛ جمعاً بين الآية المتقدّمة (١) ، والأُخرى ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا ) الآية (٢).
وهو أحوط ؛ لأخصّية الآية الأُولى عن تمام المدّعى ، مع ما في الخبر المرويّ في تفسير عليّ بن إبراهيم في تفسير الزينة في الآية المزبورة : « فهي الثياب والكحل والخاتم وخضاب الكفّ والسوار ، والزينة ثلاث : زينة للناس ، وزينة للمَحرَم ، وزينة للزوج ، فأمّا زينة الناس فقد ذكرناه ، وأمّا زينة المَحرَم : فموضع القلادة فما فوقها والدُّمْلُج (٣) وما دونه والخلخال وما أسفل منه ، وأمّا زينة الزوج : فالجسد كلّه » (٤) انتهى.
وفيه دلالة ولو بضميمة (٥) على جواز النظر إلى الوجه والكفّين من الأجنبيّة مطلقاً (٦) كما هو أحد الأقوال في المسألة استناداً إليها ، مع الأصل ، والآية ( وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاّ ما ظَهَرَ ) (٧).
بناءً على تفسير الزينة الظاهرة بأُمور أربعة لا يمكن إرادة بعضها
__________________
(١) في ص ٤٥.
(٢) النور : ٣٠.
(٣) الدُّمْلُج : المِعْضَد من الحُليِّ لسان العرب ٢ : ٢٧٦.
(٤) تفسير القمي ٢ : ١٠١ ، المستدرك ١٤ : ٢٧٥ أبواب مقدمات النكاح ب ٨٥ ح ٣.
(٥) من الإجماع المركب. منه رحمهالله.
(٦) أي مرّة أو مراراً. منه رحمهالله.
(٧) النور : ٣١.