ولأنّ ذمّته مشغولة بصرف الزمان في الحجّ عن نفسه فلا يجوز صرفه في غيره ، لاستلزامه ترك الواجب ؛ لتضادّهما .
مسألة ٨٣ : لو وجب عليه حجّ الإِسلام واستقرّ بأن مضى زمان يمكنه إيقاعه فيه فأهمل ، أو لم يستقرّ بأن كملت الشرائط في ذلك العام فحجّ عن غيره استئجاراً أو نيابةً ، لم يصح حجّه عن غيره ، ولا تقع النية عن نفسه ، بل يقع باطلاً ، قاله الشيخ (١) رحمه الله ـ وبه قال أبو بكر بن عبد العزيز ، وهو مروي عن ابن عباس (٢) ـ لأنّ الحجّ لا يقع عن نفسه ؛ لعدم نيّته ، ولا عن غيره ؛ لوجوب صرف هذا الزمان إلى حجّه ، فكان صرفه إلى حجّ غيره منهياً عنه ، والنهي في العبادات يدلّ على الفساد .
ولأنّه لمّا كان من شرط طواف الزيارة تعيين النيّة ، فمتى نواه لغيره لم يقع لنفسه ، ولهذا لو طاف حاملاً لغيره ولم ينو لنفسه ، لم يقع عن نفسه .
ولرواية سعد ؛ فإنّ قول الكاظم عليه السلام : « فإن كان له ما يحجّ به عن نفسه فليس يجزئ عنه حتى يحجّ من ماله » (٣) .
ولما رواه إبراهيم بن عقبة ، قال : كتبت إليه أسأله عن رجل صرورة لم يحجّ قطّ حجّ عن صرورة لم يحجّ قطّ أتجزئ كلّ واحد منهما تلك الحجة عن حجة الإِسلام أو لا ؟ بيّن لي ذلك يا سيدي إن شاء الله ، فكتب عليه السلام : « لا يجوز ذلك » (٤) .
قال الشيخ : إنّه محمول على أنّه إذا كان للصرورة مال فإنّ تلك الحجّة لا تجزئ عنه (٥) .
__________________
(١) المبسوط ـ للطوسي ـ ١ : ٣٠٢ .
(٢) المغني ٣ : ٢٠١ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٠٧ .
(٣) تقدّمت الإِشارة إلى مصادره في المسألة ٨٢ .
(٤) التهذيب ٥ : ٤١١ / ١٤٣٠ ، الاستبصار ٢ : ٣٢٠ / ١١٣٤ .
(٥) التهذيب ٥ : ٤١١ ذيل الحديث ١٤٣٠ ، الاستبصار ٢ : ٣٢٠ ذيل الحديث ١١٣٤ .